روض الرياحين من أقوال العارفين
من أقوالهم رضي الله عنهم في التوبة كما نقلها السهروردي في عوارف المعارف:
" قال رويم: معنى التوبة أن يتوب من التوبة، قيل معناه قول رابعة: أستغفر الله العظيم من قلة صدقي في قولي أستغفر الله.
وسئل الحسن المغازلي عن التوبة؟ فقال: تسألني عن توبة الإنابة أو عن توبة الاستجابة؟ فقال السائل: ما توبة الإنابة؟ فقال: أن تخاف من الله عز وجل من أجل قدرته عليك. قال: فما توبة الاستجابة؟ قال: أن تستحي من الله لقربه منك،
وهذا الذي ذكره من توبة الاستجابة إذا تحقق العبد بها ربما تاب في صلاته من كل خاطر يلم به سوى الله تعالى ويستغفر الله منه، وتوبة الاستجابة لازمة لبواطن أهل القرب، كما قيل: وجودك ذنب لا يقاس به ذنب
سئل أبو محمد سهل عن الرجل يتوب من الشيء ويتركه ثم يخطر ذلك الشيء بقلبه أو يراه أو يسمع به فيجد حلاوته، فقال: الحلاوة طبع البشرية ولا بد من الطبع، وليس له حيلة إلا أن يرفع قلبه إلى مولاه بالشكوى، وينكره بقلبه، ويلزم نفسه الإنكار ولا يفارقه، ويدعو الله أن ينسيه ذلك ويشغله بغيره من ذكره وطاعته.
قال: وإن غفل عن الإنكار طرفة عين أخاف عليه أن لا يسلم وتعمل الحلاوة في قلبه، ولكن مع وجدان الحلاوة يلزم قلبه الإنكار ويحزن، فإنه لا يضرّه.
وهذا الذي قاله سهل كاف بالغ لكل طالب صادق يريد صحة توبته، والعارف القويّ الحال يتمكن من إزالة الحلاوة عن باطنه ويسهل عليه ذلك. وأسباب سهولة ذلك متنوعة للعارف ومن تمكن من قلبه حلاوة حب الله الخاص عن صفاء مشاهدة وصرف يقين، فأي حلاوة تبقى في قلبه، وإنما حلاوة الهوى لعدم حلاوة الحب لله." اهـ.