أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح
رضي الله عنه
ابن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة.
وأسلم مع عثمان بن مظعون وهاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية وشهد بدرا والمشاهد كلها وثبت مع رسول الله. صلى الله عليه وسلم من حلق المغفر فوقعت ثنيتاه فكان من احسن الناس هتما.
ذكر صفته
كان طوالا نحيفا اجنى معروق الوجه اثرم الثنيتين خفيف اللحية وكان له من الولد يزيد وعمير امهما هند بنت جابر فدرجا ولم يبق له عقب.
ذكر جملة من مناقبه
رضي الله عنه
عن أبي قلابة قال حدثني أنس بن مالك أن رسول الله. صلى الله عليه وسلم قال أن لكل أمة امينا وان اميننا ايتها الأمة أبو عبيدة بن الجراح.
وعنه أن أهل اليمن لما قدموا على رسول الله. صلى الله عليه وسلم سألوه أن يبعث معهم رجلا يعلمهم السنة والإسلام فأخذ بيد أبي عبيدة بن الجراح فقال هذا امين هذه الأمة.
وعن شريح بن عبيد وراشد بن أسعد وغيرهما قالوا لما بلغ عمر بن الخطاب سرغ حدث أن بالشام وباء شديدا فقال بلغني شدة الوباء بالشام فقلت أن أدركني أجلي وأبو عبيدة حي استخلفته فان سألني الله عز وجل لم استخلفته على هذه الأمة قلت أني سمعت رسول الله. صلى الله عليه وسلم يقول أن لكل نبي أمينا وأميني أبو عبيدة بن الجراح فان أدركني اجلي وإذا توفي أبو عبيدة استخلفت معاذ بن جبل فان سألني ربي عز وجل لم استخلفته قلت سمعت رسول الله. صلى الله عليه وسلم يقول أن يحشر يوم القيامة بين يدي العلماء نبذة.
وعن عمر بن الخطاب أنه قال لأصحابه تمنوا فقال رجل اتمنى لو أن لي هذه الدار مملوءة ذهبا انفقته في سبيل الله عز وجل ثم قال تمنوا فقال رجل اتمنى لو أنها مملوءة لؤلؤا وزبرجدا أو جوهرا أنفقه في سبيل الله عز وجل واتصدق به ثم قال تمنوا فقالوا ما ندري يا امير المؤمنين فقال عمر أتمنى لو أن هذا الدار مملوءة رجالا مثل أبي عبيدة بن الجراح.
صفحة : 64
وعن هشام بن عروة عن أبيه قال لما قدم عمر الشام تلقاه الناس وعظماء أهل الأرض فقال عمر أين أخي قالوا من قال أبو عبيدة قالوا الآن يأتيك فلما أتاه نزل فاعتنقه ثم دخل عليه بيته فلم ير في بيته إلا سيفه وترسه ورحله فقال له عمر إلا اتخذت أصحابك فقال يا أمير المؤمنين هذا يبلغني المقبل. رواه الإمام أحمد.
وعن أبي قتادة أن أبا عبيدة بن الجراح قال ما من الناس من احمر ولا اسود حر ولا عبد عجمي ولا فصيح اعلم أنه افضل مني بتقوى إلا أحببت أن أكون في مسلاخه.
وعن نمران بن مخمر عن أبي عبيدة بن الجراح أنه كان يسير في العسكر فيقول إلا رب مبيض لثياب مدنس لدينه إلا رب مكرم لنفسه وهو لها مهين بادروا السيئات القديمات بالحسنات الحديثات فلو أن أحدكم عمل من السيئات ما بينه وبين السماء ثم عمل حسنة لعلت فوق سيئاته حتى تغمرهن.
ذكر وفاته
رضي الله عنه
توفي أبو عبيدة في طاعون عمواس بالاردن وقبر ببيسان وصلى عليه معاذ بن جبل وذلك في سنة ثماني عشرة من خلافة عمر وهو ابن ثمان وخمسين سنة.
قال الشيخ رحمه الله وإذ قد انتهينا ذكر العشرة بحمد الله ومنه فنحن نذكر المشتهرين من الصحابة بالعلم والتعبد والزهد على طبقاتهم والله الموفق.
من الطبقة الأولى ممن شهد بدرا
على السابقة في الإسلام ممن شهد بدرا من المهاجرين والأنصار وحلفائهم ومواليهم.
حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه
أمه هاله بنت أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة يكنى أبا عمارة.
وكان له من الولد: يعلى وعامر وبنت وهي التي اختصم بها زيد وجعفر وعلي واسمها أمامة.
انفرد الواقدي فقال عمارة.
قال محمد بن كعب القرظي قال أبو جهل في رسول الله. صلى الله عليه وسلم فبلغ ذلك حمزة فدخل المسجد مغضبا فضرب رأس أبي جهل بالقوس ضربة أوضحته وأسلم حمزة فعز به رسول الله. صلى الله عليه وسلم والمسلمون وذلك في السنة السادسة من النبوة بعد دخول رسول الله دار الأرقم.
قال يزيد بن رومان و أول لواء عقده رسول الله. صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة لحمزة.
وعن علي عليه السلام قال لما كان يوم بدر ودنا الناس منا إذا رجل منهم على جمل له احمر يسير في القوم فقال رسول الله. صلى الله عليه وسلم يا علي ناد لي حمزة وكان أقربهم من المشركين من صاحب الجمل الأحمر وماذا يقول لهم فجاء حمزة فقال هو عتبة بن ربيعة وهو ينهي عن القتال قال فبرز عتبة وشيبة والوليد فقالوا من يبارز فخرج فتية من الأنصار فقال عتبة لا نزيد هؤلاء ولكن يبارزنا من بين عمنا فقال رسول الله. صلى الله عليه وسلم قم يا علي قم يا حمزة قم يا عبيدة بن الحارث رواه الإمام أحمد.
ذكر مقتل حمزة رضي الله عنه عن جعفر بن عمرو الضمري قال خرجت مع عبيد الله بن عدي بن الخيار إلى الشام فلما قدمنا حمص قال لي عبيد الله هل لك في وحشي نسأله عن قتل حمزة قلت نعم وكان وحشي يسكن حمص فجئنا حتى وقفنا عليه فسلمنا فرد السلام وعبيد الله معتجر بعمامته ما يرى وحشين إلا عينيه ورجليه فقال عبيد الله يا وحشي اتعرفني قال فنظر إليه ثم قال لا والله إلا اني اعلم ان عدي بن الخيار تزوج امرأة فولدت له غلاما فاسترضعه فحملت ذلك الغلام مع أمه فناولتها إياه فكأني نظرت إلى قدميه.
صفحة : 65
فكشف عبيد الله وجهه ثم قال إلا تخبرنا بقتل حمزة فقال نعم أن حمزة قتل طعيمة بن عدي ببدر فقال لي موالي جبير بن مطعم أن قتلت حمزة بعمي فأنت حر فلما خرج الناس عام عينين قال وعينين جبل أحد بينه وبينه واد خرجت مع الناس إلى القتال فلما أن اصطفوا للقتال خرج سباع فقال هل من مبارز فخرج إليه حمزة فقال يا سباع يا ابن أم إنمار يا ابن مقطعة البظور أتحارب الله ورسوله ثم شد عليه فكان كامس الذاهب وكنت لحمزة تحت صخرة حتى مر علي فلما أن دنا مني رميته بحربتني فاضعها في ثنته حتى دخلت بين وركيه وكان ذلك آخر العهد به فلما رجع الناس رجعت معهم فأقمت بمكة حتى فشا فيها السلام ثم خرجت إلى الطائف فارسلوا إلى رسول الله. صلى الله عليه وسلم رجلا فقالوا أنه لا يهيج الرسل فخرجت معهم حتى قدمت على رسول الله. صلى الله عليه وسلم فلما راني قال أنت وحشي قلت نعم قال أنت قتلت حمزة قلت قد كان الأمر ما بلغك يا رسول الله قال أما تستطيع أن تغيب وجهك عني قال فرجعت فلما توفي رسول الله. صلى الله عليه وسلم خرج مسيلمة الكذاب قلت لأخرجن إلى مسيلمة لعلي اقتله فاكافيء به حمزة فخرجت مع الناس فكان من امرهم ما كان.
قال وإذا رجل قائم من ثلمة جدار كأنه جمل أورق ثائر رأسه قال فارميه بحربتي فاضعها بين ثدييه حتى حرجت من بين كتفيه قال ودب إليه رجل من الأنصار فضربه بالسيف على هامته.
قال عبد الله بن الفضل فأخبرني سليمان بن يسار أنه سمع عبد الله بن عمر يقول فقالت جارية على ظهر بيت وا أمير المؤمنين قلته العبد الأسود انفرد بإخراجه البخاري.
وعن الزبير أنه لما كان يوم أحد أقبلت امرأة تسعى حتى إذا كادت تشرف على القتلى قال فكره رسول الله. صلى الله عليه وسلم أن تراهم فقال المرأة المرأة قال الزبير فتوسمت أنها أمي صفية فخرجت أسعى إليها فأدركت قبل أن تنتهي إلى القتلى.
قال فلدمت في صدري وكانت امرأة جلدة قالت إليك لا أرض لك قال فقلت إن رسول الله قد عزم عليك قال فوقفت وأخرجت ثوبين معها فقالت هذان ثوبان جئت بهما لأخي حمزة فقد بلغني مقتله فكفنوه بهما.
قال فجئنا بالثوبين لنكفن فيهما حمزة فإذا إلى جنبه رجل من الأنصار قتيل قد فعل به كما فعل بحمزة قال فوجدنا غضاضة وحياء إن نكفن حمزة في ثوبين والأنصاري لا كفن له فقلنا لحمزة ثوب وللأنصاري ثوب فقدرناهما فكان أحدهما اكبر من الآخر فاقرعنا بينهما فكفنا كل واحد منهما في الثوب الذي طار له رواه الإمام أحمد.
وعن أبي هريرة أن رسول الله. صلى الله عليه وسلم وقف على حمزة حيث استشهد فنظر إلى شيء لم ينظر إليه شيء قط كان أوجع لقلبه منه ونظر إليه قد مثل به فقال رحمة الله عليك فانك كنت ما علمت فعولا للخيرات وصولا للرحم ولولا حزن من بعد عليك لسرني أن ادعك حتى تحشر من أفواه شتى أما والله مع ذلك لأمثلن بسبعين منهم مكانك فنزل جبريل والنبي. صلى الله عليه وسلم واقف بعد بخواتم النحل وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به سورة النحل آية 126 إلى آخر السورة فصبر النبي. صلى الله عليه وسلم وامسك عما أراد.
وعن أنس قال كان النبي. صلى الله عليه وسلم إذا صلى على جنازة كبر عليها أربعا وانه كبر على حمزة سبعين تكبيرة.
وعن جابر قال لما أرد معاوية أن يجري عينه التي بأحد كتبوا إليه أنا لا نستطيع أن نجريها إلا على قبور الشهداء فكتب انبشوهم قال فرأيتهم يحملون على أعناق الرجال كأنهم قوم نيام وأصابت المسحاة طرف رجل حمزة فانبعث دما.
وعنه قال كتب معاوية إلى عامله بالمدينة أن يجري عينا إلى أحد فكتب إليه عامله أنها لا تجري إلا على قبور الشهداء قال فكتب إليه أن أنفذها قال فسمعت جابر بن عبد الله يقول فرأيتهم يخرجون على رقاب الرجال كأنهم رجال نوم حتى أصابت المسحاة قدم حمزة فانبعث دما.
13- زيد بن حارثة
بن شراحيل ابن عبد العزى بن امريء القيس ويقال له زيد الحب وأمه سعدى بنت ثعلبة ابن عبد عامر زارت قومها وزيد معها فأغارت خيل لبني القين في الجاهلية فمروا على أبيات بني معن فاحتملوا زيدا وهو يومئذ غلام يفعة فوافوا به سوق عكاظ فعرضوه للبيع فاشتراه حكيم بن حزام لعمته خديجة بنت خوليد باربعمائة درهم فلما تزوجها رسول الله. صلى الله عليه وسلم وهبته له وكان أبوه حارثة حين فقده قال:
صفحة : 66
بكيت على زيد ولم ادر مـا فـعـل احي فيرجى أم أتـى دونـه الاجـل
فوالله ما ادري وانكـنـتـت سـائلا اغالك سهل الأرض أم غالك الجبـل
فيا ليت شعري هل لك اليوم رجـعة فحسبي من الدنيا رجوعك لي بجـل
تذكرينه الشمس عنـد طـلـوعـهـا وتعرض ذكراه إذا قارب الطـفـل
وان هبت الأرواح هـيجـن ذكـره فيا طول ما حزني عليه ومـا وجـل
سأعمل نص العيس في الأرض جاهدا ولا اسام التطواف أو اتسـام الابـل
حياتي أو تأتـي عـلـي مـنـيتـي وكل امريء فان وان غـره الامـل
وأوصي به قيسا وعمرا كـلـيهـمـا وأوصي يزيدا ثم من بعـده جـبـل يعني جبلة بن حارثة اخا زيد ويزيد أخو يزيد لامه .فحج ناس من كعب فرأوا زيدا فعرفهم وعرفوه فقال ابلغوا أهلي هذه الابيات فاني اعلم انهم قد جزعوا علي وقال:
الكني إلى قومي وان كنت نائيافاني قطين البيت عند المشاعر
فكفوا عن الوجد الذي قد شجاكم ولا تـعـمـلـوا فـي الأرض نـص إلا بـــاعـــر
فانـي بـحـمـد الـلـــه فـــي خـــير اســـرة كرام مـعـد كـابـــرا بـــعـــد كـــابـــر فانطلقوا فاعلموا أباه فخرج حارثة وكعب بن شراحيل بفدائه فقدما مكة فسالا عن النبي. صلى الله عليه وسلم فقيل هو في المسجد فدخلا عليه فقالا يا بن هاشم يا بن سيد قومه انتم أهل حرم الله وجيرانه تفكون العاني وتطعمون الأسير جئناك في ابننا عندك فامنن علينا واحسن إلينا في فدائه فانا سنرفع لك في الفداء قال ما هو قالوا زيد بن حارثة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهلا غير ذلك قالوا ما هو ادعوه فخيروه فان اختاركم فهو لكما بغير فداء وان اختارني فوالله ما أنا بالذي اختار على من اختارني أحدا قالوا قد زدتنا على النصف واحسنت.
فدعاه فقال هل تعرف هؤلاء قال نعم هذا أبي وهذا عمي قال فانا من قد علمت و رأيت محبتي لكل فاخترني أو اخترهما فقال زيد ما أنا بالذي اختار عليك أحدا أنت مني بمنزلة الاب والعم فقالا ويحك يا زيد اتختار العبودية على الحرية وعلى أبيك وعمك وأهل بيتك قال نعم اني قد رأيت من هذا الرجل شيئا ما أنا بالذي اختار عليه أحدا أبدا فلما رأى رسول الله. صلى الله عليه وسلم ذلك أخرجه إلى الحجر فقال يا من حضر واشهدوا ان زيدا ابني يرثني وارثه فلما رأى ذلك أبوه وعمه طابت انفسهما وانصرفا.
فدعي زيد بن محمد حتى جاء الله بالإسلام فزوجه رسول الله. صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش فلما طلقها تزوجها النبي. صلى الله عليه وسلم فتكلم المنافقون في ذلك وقالوا تزوج امرأة ابنه فنزل: ما كان محمدا أبا أحد من رجالكم سورة الاحزاب آية 40 وقال ادعوهم لابائهم سورة الاحزاب آية 5 فدعي يومئذ زيد بن حارثة.
وعن محمد بن الحسن بن اسمة بن زيد عن أبيه قال كان بين رسول الله. صلى الله عليه وسلم وبين زيد عشر سنين رسول الله. صلى الله عليه وسلم اكبر منه وكان زيدا رجلا قصيرا آدم شديد الأدمة في انفه فطس وكان يكنى أبا أسامة وقال الزهري أول من أسلم زيد.
قال أهل السير وشهد زيد بدرا وأحدا والخندق والحديبية وخيبر واستخلفه رسول الله. صلى الله عليه وسلم على المدينة حين خرج إلى المر يسيع وخرج أميرا في سبع سرايا ولم يسم أحد من أصحاب رسول الله. صلى الله عليه وسلم في القرآن باسمه غيره.
وكان له من الولد زيد هلك صغيرا ورقية أمهما أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط واسامة أمه أم ايمن حاضنة رسول الله.).
وقتل زيد في غزوة مؤته في جمادى الأولى سنة ثمان وهو ابن خمس وخمسين سنة.
عن خالد بن سمير قال لما أصيب زيد بن حارثة أتاهم النبي. صلى الله عليه وسلم قال فجهشت بنت زيد في وجهه فبكى رسول الله. صلى الله عليه وسلم حتى انتحب فقال له سعد بن عبادة ما هذا يا رسول الله قال هذا شوق الحبيب إلى حبيبه.
سالم مولى أبي حذيفة رضي الله عنه
كان لثبيته بنت يعار الأنصارية تحت أبي حذيفة بن عتبة فاعتقه فتولى أبا حذيفة وتبناه أبو حذيفة كذا ذكره محمد بن سعد.
وقال أبو بكر الخطيب اسم التي اعتقته سلمى بنت تعار وقال ابن عمر كان سالم يؤم المهاجرين من مكة حتى قدم المدينة لانه كان أقراهم وفيهم أبو بكر وعمر.
صفحة : 67
وعن عمر بن الخطاب قال سمعت رسول الله. صلى الله عليه وسلم ذكر سالما مولى أبي حذيفة فقال ان سالما شديد الحب لله عز وجل.
وعن شهر بن حوشب قال قال عمر بن الخطاب لو استخلفت سالما مولى أبي حذيفة فسالني عنه ربي عز وجل ما حملك على ذلك لقلت رب سمعت نبيك. صلى الله عليه وسلم وهو ويقول بحب الله عز وجل حقا من قلبه.
وعن أحمد بن عبد الله قال استشهد سالم مولى أبي حذيفة باليمامة أخذ اللواء بيمينه فقطعت ثم تناولها بشماله فقطعت ثم اعتنق اللواء وجعل يقرأ: وما محمد رسول قد خلت من قبله الرسل افان مات أو قتل انقلبتم على اعقابكم سورة آل عمران آية 144. إلى أن قتل.
عبد الله بن جحش
ابن رئاب بن يعمر ويكنى أبا محمد وأمه اميمة بنت عبد المطلب بن هاشم.
أسلم قبل دخول رسول الله. صلى الله عليه وسلم دار الأرقم وهاجر إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية وبعثه رسول الله. صلى الله عليه وسلم على سرية إلى نخلة وفيها تسمى بأمير المؤمنين فهو أول من دعي بذلك.
وعن سعيد بن المسيب أن رجلا سمع عبد الله بن جحش يقول قبل يوم أحد بيوم اللهم أنا لا قو هؤلاء غدا واني اقسم عليك لما يقتلونني ويبقروا بطني ويجدعوني فإذا قلت لي لم فعل بك هذا فاقول اللهم فيك فلما التقوا فعل ذلك به فقال الرجل الذي سمعه أما هذا فقد استجيب له واعطاه الله ما سال في جسده في الدنيا وانا أرجو أن يعطى ما سال في الآخرة.
وعن اسحق بن سعد بن أبي وقاص قال حدثني أبي أبي عن عبد الله بن جحش قال له يوم أحد إلا ندعو الله فخلوا في ناحية فدعا عبد الله بن جحش فقال يا رب إذا لقيت العدو غدا فلقني ردلا شديدا بأسه شديدا حرده أقاتله فيك ويقاتلني ثم يأخذني فيجدع انفي واذني فإذا لقيتك غدا قلت يا عبد الله من جدع انفك واذنك فأقول فيك وفي رسولاك فتقول صدقت قال سعد فلقد رأيته آخر النهار وان أذنه وانفه لمعلقتان في خيط.
قال الواقدي قتل عبد الله بن جحش يوم أحد قتله أبو الحكم بن الاخنس بن شريق ودفن عبد الله وحمزة بن عبد المطلب وهو خاله في قبر واحد وكان لعبد الله يوم قتل بضع واربعون سنة.
عتبة بن غزوان بن جابر بن وهيب
يكنى أبا عبد الله هاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية وشهد بدرا واستعمله عمر على البصرة واليا فهو الذي بصرها واختطها ثم قدم على عمر فرده إلى البصرة واليا فمات في الطريق سنة سبع عشرة وقيل خمس عشرة وهو ابن سبع وخمسين وقيل خمس وخمسين.
عن خالد بن عمير قال خطب عتبة بن عزوان فحمد الله واثنى عليه ثم قال أما بعد فن الدنيا قد اذنت بصرم وولت حذاء ولم يبق منهاه إلا صبابة كصبابة الاناء يتصابها صاحبها وانكم منقلبون منها إلى دار لا زوال لها فانتقلوا بخير ما بحضرتكم فانه قد ذكر لنا إن الحجر يلقى في شفير جهنم فيهوي فيها سبعين عاما ما يدرك لها قعرا والله لتملانه افعجبتم والله لقد ذكر لنا ان ما بين مصراعي الجنة مسيرة أربعين عاما وليأتين عليه يوم وهو كظيظ الزحام ولقد رأيتني وأنا سابع سبعة مع رسول الله. صلى الله عليه وسلم ما لنا طعام إلا ورق الشجر حتى قرحته أشداقنا وإني التقطت بردة فشققتها بيني وبين سعد فائتزر بنصفها وائتزر بنصفها فما اصبح منا أحد اليوم حيا إلا اصبح أمير مصر من الأمصار واني أعوذ بالله أن أكون في نفسي عظيما وعند الله صغيرا وانها لم تكن نبوة قط إلا تناسخت حتى تكون عاقبتها ملكا وستبلون وستجربون الأمراء بعدنا انفرد بإخراجه مسلم وليس لعتبة في الصحيح غيره.
مصعب بن عمير
ابن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي يكنى أبا محمد دخل على رسول الله. صلى الله عليه وسلم دار الأرقم وكتم إسلامه وكان يختلف إلى رسول الله. صلى الله عليه وسلم سرا فلما علموا به حبسوه فلم يزل محبوسا حتى خرج إلى أرض الحبشة في الهجرة الأولى ثم خرج في الهجرة الثانية وكان من انعم الناس عيشا قبل إسلامه فلما أسلم زهد في الدنيا فتحسف لده تحسف الحية وبعثه رسول الله. صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بعد أن بايع الأنصار البيعة الأولى يفقههم ويقرئهم القرآن وكان يأتيهم في دورهم فيدعوهم إلى الإسلام فأسلم منهم خلق كثير وفشا الإسلام فيهم وكتب إلى رسول الله. صلى الله عليه وسلم يستأذنه أن يجمع بهم فأذن له فجمع بهم في دار خيثمة.
صفحة : 68
ثم قدم على رسول الله. صلى الله عليه وسلم مع السبعين الذين وافوه في العقبة الثانية فأقام بمكة قليلا ثم قدم قبل رسول الله. صلى الله عليه وسلم المدينة فهو أول من قدمها.
وعن ابن شهاب قال لما بايع أهل العقبة رسول الله. صلى الله عليه وسلم ورجعوا إلى قومهم فدعوهم إلى الإسلام سرا وتلوا عليهم القرآن وبعثوا إلى رسول الله. صلى الله عليه وسلم معاذ بن عفراء ورافع بن مالك أن ابعث إلينا رجلا من قبلك فليدع الناس بكتاب الله فانه قمن أن يتبع فبعث إليهم رسول الله. صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير فلم يزل يدعو امنا ويهدي الله تعالى على يده حتى قل دار م دور الأنصار إلا قدم أسلم أشرافهم.
أسلم عمرو بن الجموح وكسرت أصنامهم وكان المسلمون أعز أهل المدينة. فرجع مصعب إلى رسول الله. صلى الله عليه وسلم وكان يدعى المقريء.
قال ابن شهاب: وكان أول من جمع الجمعة بالمدينة بالمسلمين قبل أن يقدمها رسول الله.).
وعن البراء قال أول من قدم علينا من المهاجرين مصعب بن عمير.
وعن عمر بن الخطاب قال نظر النبي. صلى الله عليه وسلم إلى مصعب بن عمير مقبلا وعليه اهاب كبش قد تنطق به فقال النبي. صلى الله عليه وسلم انظروا إلى هذا الرجل الذي قد نور الله قلبه لقد رأيته بين أبوين يغدوان بأطيب الطعام والشراب فدعاه حب الله ورسوله إلى ما ترون.
وعن محمد بن شرحبيل قال حمل مصعب اللواء يوم أحد فلما جال المسلمون ثبت به مصعب فاقبل ابن قميثة فضرب يده اليمنى فقطعها ومصعب يقول وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل سورة آل عمران آية: 144. وأخذ اللواء بيده اليسرى وحنا عليه فضربها فقطعها فحنا على اللواء وضمه بعضديه إلى صدره وهو يقول وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ثم حمل عليه الثالثة بالرمح فانفذه.
وكان مصعب رقيق البشرة ليس بالطويل ولا بالقصير قيل وهو ابن أربعين سنة أو يزيد شيئا.
وقال ابن سعد وقال عبد الله بن الفضل قتل مصعب وأخذ اللواء ملك في صورته فجعل النبي. صلى الله عليه وسلم يقول له في آخر النهار تقدم يا مصعب فالتفت إليه الملك وقال لست بمصعب فعرف النبي. صلى الله عليه وسلم أنه ملك أيد به.
وعن عبيد بن عمير قال لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحد مر على مصعب بن عمير مقتولا على طريقه فقرا من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا عليه سورة الأحزاب آية 23 الآية.
وعن خباب قال هاجرنا مع رسول الله. صلى الله عليه وسلم نبتغي وجه الله فوجب أجرنا على الله عز وجل فمنا من مضى ولم يأكل من اجره شيئا منهم مصعب بن عمير قتل يوم أحد فلم نجد له شيئا نكفنه فيه إلا نمرة كنا إذا غطينا بها رأسه خرجت رجلاه وإذا غطينا رجليه خرج رأسه فامرنا رسول الله أن نغطي بها رأسه ونجعل على رأسه اذخرا ومنا منن اينعت له ثمرته فهو يهدبها أخرجاه في الصحيحين.
عمير بن أبي وقاص اخو سعد
عن عامر بن سعد عن أبيه قال رأيت أخي عمير بن أبي وقاص قبل ان يعرضنا رسول الله. صلى الله عليه وسلم للخروج إلى بدر يتوارى فقلت ما لك يا أخي فقال أني أخاف أن يراني رسول الله. صلى الله عليه وسلم فيستصغرني فيردني وان أحب الخروج لعل الله يرزقني الشهادة قال فعرض على رسول الله. صلى الله عليه وسلم فاستصغره فقال ارجع فبكى عمير فأجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال سعد: فكنت اعقد له حمائل سيفه من صغره فقتل ببدر وهو ابن ست عشرة سنة قتله عمرو بن عبد ود والسلام.
عبد الله بن مسعود
ويكنى أبا عبد الرحمن أمه أم عبد أسلم قبل دخول رسول الله. صلى الله عليه وسلم دار الأرقم ويقال.
كان سادسا في الإسلام وهاجر إلى الحبشة الهجرتين وشهد بدرا والمشاهد كلها وكان صاحب سر رسول الله. صلى الله عليه وسلم ووساده وسواكه ونعليه وطهوره في السفر وكان يشبه بالنبي. صلى الله عليه وسلم في هديه ودله وسمته وكان خفيف اللحم قصيرا شديد الأدمة وكان من أجود الناس ثوبا ومن أطيب الناس ريحا وولي قضاء الكوفة وبين المال لعمر وصدرا من خلافة عثمان ثم صار إلى المدينة فمات بها سنة اثنتين وثلاثين ودفن بالبقيع وهو ابن بضع وستين.
صفحة : 69
عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود قال كنت غلاما يافعا أرعى غنما لعقبة بن أبي معيط فجاء النبي. صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وقد نفرا من المشركين فقالا يا غلام هل عندك من لبن تسقينا فقلت أني مؤتمن ولست ساقيكما فقال النبي. صلى الله عليه وسلم هل عندك من جذعة لم ينز عليها الفحل قلت نعم فأتيتهما بها فاعتقلها النبي. صلى الله عليه وسلم ومسح الضرع ودعا فحفل الضرع ثم أتاه أبو بكر بصخرة منقعرة فاحتلب فيها فشرب أبو بكر ثم شربت ثم قال للضرع اقلص فقلص قال فأتيته بعد ذلك فقلت علمني من هذا القول قال انك غلام معلم فأخذت من فيه سبعين سورة لا ينازعني فيها أحد.
وعن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه قال قال عبد الله بن مسعود لقد رايتني سادس ست وما على وجه الأرض مسلم غيرنا.
ذكر قربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم:
قال أبو موسى الاشعري لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما ارى إلا ابن مسعود من أهله وعن القاسم بن عبد الرحمن قال كان عبد الله يلبس رسول الله. صلى الله عليه وسلم نعليه ثم يمشي امامه بالعصا حتى إذا أتي مجلسه نزع نعليه فادخلهما في ذراعيه واعطاه العصا فإذا أراد رسول الله. صلى الله عليه وسلم أن يقول البسه نعليه ثم مشى بالعصا امامه حتى يدخل الحجرة قبل رسول الله.).
وعن أبي المليح عن عبد الله أنه كان يوقظ رسول الله. صلى الله عليه وسلم إذا نام ويستره إذا اغتسل ويمشي معه في الأرض وحشا.
وعن عبد الله بن شداد بن الهاد أن عبد الله كان صاحب الوساد والسواك والنعلين.
ذكر شبهه برسول الله صلى الله عليه وسلم:
عن علقمة قل كان عبد الله يشبه بالنبي. صلى الله عليه وسلم في هديه ودله وكان علقمة يشبه بعبد الله.
وعن عبد الله بن يزيد قال اتينا حذيفة فقلنا له حدثنا بأقرب الناس برسول الله. صلى الله عليه وسلم هديا وسمتا ودلا نأخذ عنه ونسمع منه قال كان اقرب الناس برسول الله هديا وسمتا ودلا عبد الله بن مسعود حتى يتوارى عنا في بيته ولقد علم المحفوظون من أصحاب محمد ان ابن أم عبد من اقربهم إلى الله زلفى والسلام.
ذكر ثناء الرسول. صلى الله عليه وسلم على عبد الله بن مسعود
عن علقمة قال جاء رجل إلى عمر وهو بعرفة فقال جئت يا أمير المؤمنين من الكوفة وتركت بها رجلا يملي المصاحف عن ظهر قلبه فغضب وانتفخ حتى كاد يملا ما بين شعبتي الرجل فقال من هو ويحك قال عبد الله بن مسعود فما زال يطفا ويسير عنه الغضب حتى عاد إلى حاله التي كان عليها ثم قال ويحك والله ما اعلم بقي من الناس أحد هو احق بذلك منه وسأحدثك عن ذلك.
كان رسول الله. صلى الله عليه وسلم لا يزال يسمر عند أبي بكر الليلة كذلك في أمر من أمر المسلمين وانه سمر عنده ذات ليلة وانا معه فخرج رسول الله. صلى الله عليه وسلم يستمع قراءته فلما كدنا نعرفه قال رسول الله. صلى الله عليه وسلم من سره ان يقرأ القرآن رطبا كما أنزل فليقراه على قراءة ابن أم عبد قال ثم جلس الرجل يدعو فجعل رسول الله. صلى الله عليه وسلم يقول له سل تعطه سل تعطه.
قال عمر قلت والله لاغدون عليه فلا بشرنه قال فغدوت عليه فبشرته فوجدت أبا بكر قد سبقني إليه فبشره ولا والله ما سابقته إلى خير قط إلا سبقني إليه رواه الإمام أحمد.
وروي عن زر بن حبيش عن ابن مسعود أنه كان يجتني سواكا من الاراك وكان دقيق الساقين فجعلت الريح تكفؤه فضحك القوم منه فقال رسول الله. صلى الله عليه وسلم مم تضحكون قالوا يا بني الله من دقة ساقيه فقال والذي نفسي بيده لهما اثقل من الميزان من أحد.
ذكر ثناء الناس عليه وكثرة علمه
عن زيد بن وهب قال أقبل عبد الله ذات يوم وعمر جالس فقال كنيف مليء عاما.
صفحة : 70
وعن الشعبي قال ذكروا ان عمر بن الخطاب لقي ركبا في سفر له فيهم عبد الله بن مسعود فأمر عمر رجلا يناديهم من أين القوم فأجابه عبد الله اقبلنا من الفج العميق فقال عمر أين تريدون فقال عبد الله البيت العتيق فقال عمر البيت العتيق فقال عمر انفيهم علاما وأمر رجلا فناداهم أي القرآن اعظم فأجابه عبد الله الله لا اله إلا هو الحي القيوم سورة البقرة آية 255. حتى ختم الآية قال نادهم أي القرآن احكم فقال ابن مسعود أن الله يأمر بالعدل والاحسان سورة النحل آية 90 الاية فقال عمر نادهم أي القرآن اجمع فقال ابن مسعود فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره سورة الزلزلة الاية 7-8 فقال عمر نادهم أي القرآن اخوف فقال ابن مسعود ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سواء يجر به سورة النساء الآية 133 الآية فقال عمر نادهم أي القرآن أترجى فقال ابن مسعود يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله سورة الزمر آية 53 فقال عمر نادهم افيكم ابن مسعود قالوا اللهم نعم.
وعن أبي البختري قال سئل علي عليه السلام عن أصحاب محمد. صلى الله عليه وسلم فقال عن أيهم تسألون قالوا أخبرنا عن عبد الله بن مسعود قال علم القرآن وعلم السنة ثم انتهى وكفى به علما.
وعن أبي الاحوص قال شهدت أبا موسى وأبا مسعود حين مات ابن مسعود وأحدهما يقول لصاحبه أتراه ترك مثله قال أن قلت ذاك أن كان ليؤذن له إذا حجبنا ويشهد إذا غبنا رواه أحمد.
وعن عامر قال قال أبو موسى لا تسألوني عن شيء ما دام هذا الحبر فيكم يعني ابن مسعود.
وعن شقيق قال كنت قاعدا مع حذيفة فأقبل عبد الله بن مسعود فقال حذيفة أن اشبه الناس هديا ودلا برسول الله من حين يخرج من بيته إلى أن يرجع ولا ادري ما يصنع في أهله لعبد الله بن مسعود والله لقد علم المحفوظون من أصحاب محمد. صلى الله عليه وسلم أنه من اقربهم عند الله وسيلة يوم القيامة.
وعن مسروق قال قال عبد الله والذي لا اله غيره ما نزلت آية من كتاب الله إلا وانا اعلم أين نزلت وإلا أنا اعلم أين نزلت وإلا أنا اعلم فيما نزلت ولو اعلم أن أحدا اعلم بكتاب الله مني تناله المطي لأتيته.
وعن تميم بن حذلم قال جالست أصحاب النبي. صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر وما رأيت أحدا ازهد في الدنيا ولا ارغب في الآخرة ولا أحب إلي أن أكون في مسلاخه منك يا عبد الله بن مسعود.
وعن مسروق قال شاممت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فوجدت علمهم انتهى إلى ستة نفر منهم عمر وعلي وعبد الله وأبي بن كعب وأبو الدرداء وزيد بن ثابت ثم شاممت هؤلاء الستة فوجدت علمهم انتهى إلى رجلين علي وعبد الله.
وعنه قال جالست أصحاب محمد. صلى الله عليه وسلم فوجدتهم كالاخاذ يروي الرجل والاخاذ يروي الرجلين والأخاذ يروي المائة والاخاذ لو نزل به أهل الأرض لاصدرهم فوجدت عبد الله من ذلك الاخاذ.
ذكر تعبده
عن زر عن عبد الله أنه كان يصوم الاثنين والخميس.
وعن عبد الرحمن بن يزيد قال ما رأيت فقيها قط اقل صوما من عبد الله فقيل له لم لا تصوم قال إني اختار الصلاة على الصوم فإذا صمت ضعفت عن الصلاة.
وعن محارب بن دثار عن عمه محمد قال مررت بابن مسعود بسحر وهو يقول اللهم دعوتني فاجبتك وامرتني فأطعتك وهذا سحر فاغفر لي فلما أصبحت غدوت عليه فقلت له فقال أن يعقوب لما قال لبنيه سوف استغفر لكم سورة يوسف آية 98 آخرهم إلى السحر.
ذكر ورعه
عن عمرو بن ميمون قال اختلفت إلى عبد الله بن مسعود سنة ما سمعته يحدث فيها عن رسول الله. صلى الله عليه وسلم ولا يقول فيها قال رسول الله إلا أنه حدث ذات يوم بحديث فجرى على لسانه قال رسول الله. صلى الله عليه وسلم فعلاه الكرب حتى رأيت العرق يتحدر عن جبهته ثم قال إن شاء الله تعالى إما فوق ذلك وإما قريب من ذلك وإما دون ذلك.
ذكر شدة خوفه وبكائه رضي الله عنه
عن مسروق قال قال رجل عن عبد الله ما أحب أن أكون من أصحاب اليمين أكون من المقربين أحب إلي فقال عبد الله لكن هاهنا رجل ود أنه إذا مات لا يبعث يعني نفسه.
وعن جرير رجل من بجيلة قال قال عبد الله وددت اني إذا مت لم ابعث.
صفحة : 71
وعن الحسن قال قال عبد الله بن مسعود لو وقفت بين الجنة والنار فقيل لي اختر نخيرك مايهما تكون أحب إليك أو تكون رمادا لأحببت أن أكون رمادا.
وعن أبي وائل قال قال عبد الله وددت أن الله غفر لي ذنبا من ذنوبي وانه لا يعرف نسبي.
وعن زيد بن وهب أن عبد الله بكى حتى رأيته أخذ بكفه من دموعه فقال به: هكذا.
ذكر تواضعه
عن حبيب بن أبي ثابت قال خرج ابن مسعود ذات يوم فاتبعه ناس فقال لهم الكم حاجة قالوا لا ولكن أردنا أن نمشي معك قال ارجعوا فانه ذلة للتابع وفتنة للمتبوع.
وعن الحارث بن سويد قال قال عبد الله لو تعلمون ما اعلم من نفسي حثيتم على رأسي التراب.
ذكر ايثاره ثواب الآخرة على شهوات النفس
عن الاحوص الجشمي قال دخلنا على ابن مسعود وعنده بنون له ثلاثة غلمان كأنهم الدنانير حسنا فجعلنا نتعجب من حسنهم فقال لنا كأنكم تغبطوني بهم قلنا والله أي والله بمثل هؤلاء يغبط المرء المسلم فرفع رأسه إلى سقف بيت له صغير قد عشش فيه خطاف وباض فقال والذي نفسي بيده لان أكون قد نفضت يدي عن تراب قبورهم أحب إلي أن يسقط عش هذا الخطاف وينكسر بيضه.
وعن قيس بن جبير قال قال عبد الله حبذا المكروهات الموت والفقر وايم الله ان هو إلا الغنى والفقر وما أبالي بايهما بليت أن حق الله في كل واحد منهما واجب وان كان الغنى فيه للعطف وان كان للفقراء ان فيه للصبر.
وعن الحسن قال قال عبد الله بن مسعود ما أبالي إذا رجعت إلى أهلي على أي حال اراهم بخير أو بشر أم بضر وما أصبحت على حالة فتمنيت أني على سواها.
ذكر جملة من مناقبه وكلامه رضي الله عنه
عن عبد الله بن مرادس قال كان عبد الله يخطبنا كل خميس فيتكلم بكلمات فيسكت حين يسكت ونحن نشتهي ان يزيدنا.
وعن عبد الله بن وليد قال سمعت عبد الرحمن بن حجيرة يحدث عن أبيه عن ابن مسعود أنه كان يقول إذا قعد يذكر انكم في ممر من الليل والنهار في اجال منقوصة واعمال محفوظة والموت يأتي بغتة فمن زرع خيرا فيوشك ان يحصد رغبة ومن زرع شرا فيوشك ان يحصد ندامة ولكل زارع مثل ما زرع لا يسبق بطيء بحظه ولا يدرك حريص ما لم يقدر له فان اعطى خيرا فالله اعطاه ومن وقي شرا فالله وقاه المتقون سادة والفقهاء قادة ومجالسهم زيادة رواه الإمام أحمد.
وعن الاحوص عن عبد الله أنه كان يوم الخميس قائما فيقول إنما هما اثنتان الهدي والكلام وافضل الكلام كلام الله وافضل الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وان كل محدثة بدعة فلا يطولن عليكم الأمد ولا يلهينكم الأمل فان كل ما هو آت قريب إلا وان بعيدا ما ليس أتيا إلا وان الشقي من شقي في بطن أمه وان السعيد من وعظ بغيره إلا وان قتال المسلم كفر وسبابه فسوق ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام حتى يسلم عليه إذا لقيه ويجيبه إذا دعاه ويعوده إذا مرض إلا وان شر الروايا رواب الكذب إلا وان الكذب لا يصلح منه هزل ولا جد ولا أن يعد الرجل صبيه شيئا ثم لا ينجزه له إلا وان الكذب يهدي إلى البر وان البر يهدي إلى الجنة إلا وانه يقال للصادق صدق حتى يكتب عند الله عز وجل صديقا ويكذب حتى يكتب عند الله عز وجل كذابا إلا وهل انبئكم ما العضة قيل وما هي قال هي النميمة التي تفسد بين الناس .
صفحة : 72
وعن عبد الرحمن بن عابس قال قال عبد الله بن مسعود ان اصدق الحديث كتاب الله عز وجل وأوثق العرى كلمة التقوى وخير الملل ملة إبراهيم واحسن السنن سنة محمد. صلى الله عليه وسلم وخير الهدى الأنبياء واشرف الحديث ذكر الله وخير القصص القرآن وخير الامور عواقبها وشر الأمور محدثاتها وما قل وكفى خير مما كثر والهى ونفس تنجيها خير من إمارة لا تحصيها وشر المعذرة حين يحضر الموت وشر الندامة يوم القيامة وشر الضلالة الضلالة بعد الهدى وخير الغنى غنى النفس وخير الزاد التقوى وخير ما القي في القلب اليقين والريب من الكفر وشر العمى عمى القلب والخمر جماع الاثم والنساء حبالة الشيطان والشباب شعبة من الجنون والنوح من علم الجاهلية ومن الناس من لا يأتي الجمعة إلا دبرا ولا يذكر الله الاهجرا واعظم الخطايا الكذب وسباب المسلم فسوق وقتله كفر وحرمة ماله كحرمة دمه ومن يعف يعف الله عنه ومن يكظم الغيظ ياجره الله ومن يغفر الله له ومن يصبر على الزرية يعقبه الله وشر المكاسب كسب الربا وشر المآكل أكل مال اليتيم والسعيد من وعظ بغيره والشقي من شقي في بطن أمه وإنما يكفي أحدهم ما قنعت به نفسه وإنما يصير إلى أربعة اذرع والأمر إلى آخرهم وملاك العمل خواتمه وشر الروايا روايا الكذب واشرف الموت قتل الشهداء ومن يعرف البلاء يصبر عليه ومن لا يعرفه ينكره ومن يستكبر يضعه الله ومن يتول الدنيا تعجز عنه ومن يطع الشطان يعص الله ومن يعص الله بعذبه.
وعن المسيب بن رافع عن عبد الله بن مسعود قال ينبغي لحامل القرآن ان يعرف بليله إذا الناس نائمون وبنهاره إذا الناس مفطرون وبحزنه إذا الناس فرحون وببكائه إذا الناس يضحكون وبصمته إذا الناس بخلطون وبخشوعه إذا الناسبختالون وينبغي لحامل القرآن ان يكون باكيا محزونا حليما حكيما سكيتا ولا ينبغي لحامل القرآن ان يكون جافيا ولا غافلا ولا سخابا ولا صياحا ولا حديدا رواه الإمام أحمد.
وعن الأعمش قال كان عبد الله يقول لإخوانه أنت جلاء قلبي.
وعن أبي اياس البجلي قال سمعت عبد الله بن مسعود يقول من تطاول تعظما خفضه الله ومن تواضع تخشعا رفعه الله وان للملك لمة وللشيطان لمة فلمة الملك ايعاد بالخير وتصديق بالحق فإذا رأيتم ذلك فأحمدوا الله عز وجل ولمة الشطان ايعاد بالشر وتكذيب بالحق فإذا رأيتم ذلك فتعوذوا بالله .
وعن عمران بن أبي الجعد عن عبد الله قال ان الناس قد احسنوا القول فمن وافق قوله فعله فذاك الذي أصاب حظه ومن لا يوافق قوله فعله فذاك الذي يوبخ نفسه .
وعن خيثمة قال قال عبد الله لا الفين أحدكم جيفة ليل قطرب نهار .
وعن المسيب بن رافع قال قال عبد الله بن مسعود اني لأبغض الرجل أن أراه فارغا ليس في شيء من عمل الدنيا ولا في عمل الآخرة . رواه الإمام أحمد.
وروي أيضا عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله قال من لم تأمره الصلاة بالمعروف وتنهه عن المنكر لم يزدد بها من الله إلا بعد .
وروي عن عمر بن ميمون عن ابن سعود قال أن الشيطان اطاف بأهل مجلس ذكر ليفتنهم فلم يستطع ان يفرق بينهم فأتى على حلقة يذكون الدنيا فاغرى بينهم حتى اقتتلوا فقام أهل الذكر فحجزوا بينهم فتفرقوا .
وعن موسى بن أبي عيسى المزني قال قال عبد الله بن مسعود من اليقين ان لا يرضى الناس بسخط الله ولا تحمدن أحدا على رزق الله ولا تلومن أحدا على ما لم يؤتك الله فان رزق الله لا يسوقه حرص الحريص ولا يرده كره الكاره وان الله بقسطه وحكمه وعدله وعلمه جعل الروح والفرح في اليقين والرضا وجعل الهم والحزن في الشك والسخط .
وعن مرة عن عبد الله قال ما دمت في صلاة فانت تقرع باب الملك ومن يقرع باب الملك يفتح له .
وعن القاسم بن عبد الرحمن والحسن بن سعد قالا قال عبد الله أني لاحسب الرجل ينسى العمل كان يعلمه بالخطيئة يعملها رواه الإمام أحمد.
وعن إبراهيم بن عيسى عن عبد الله بن مسعود قال كونوا ينابيع العلم مصابيح الهدى احلاس البيوت سرج الليل جدد القلوب خلقان الثياب تعرفون في أهل السماء وتخفون في أهل الأرض .
وعن مسروق قال قال عبد الله إذا اصبحتم صياما فاصبحوا مدهنين رواه الإمام أحمد.
وروي عن أبي وائل قال قال عبد الله انذرتكم بلوغ القول بحسب أحدكم ما ابلغ حاجته .
صفحة : 73
وعن معن قال قال عبد الله بن مسعود أن للقلوب شهوة وإقبالا وان للقلوب فترة وادبارا فاغتنموها عند شهوتها وإقبالا ودعوها عند فترتها وادبارها .
وعن عون بن عبد الله قال قال عبد الله ليس العلم بكثرة الرواية ولكن العمل الخشية .
وعن منذر قال جاء ناس من الدهاقين إلى عبد الله بن مسعود فتعجب الناس من غلظ رقابهم وصحتهم فقال عبد الله أنكم ترون الكافر من اصح الناس جسما وامرضه قلبا وتلقون المؤمن من اصح الناس قلبا وامرضه جسما وايم الله لو مرضت قلوبكم وصحت أجسامكم لكنتم أهون على الله من الجعلان .
وعن عوف بن عبد الله قال قال عبد الله بن مسعود لا يبلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يحل بذروته حتى يكون الفقر أحب إليه من الغنى والتواضع أحب إليه من الشرف وحتى يكون حامده وذامه عنده سواء قال ففسرها أصحاب عبد الله قالوا حتى يكون الفقر في الحلال أحب إليه من الغنى في الحرام والتواضع في طاعة الله أحب إليه من الشرف في معصية الله وحتى يكون حامده وذامه عنده في الحق سواء رواه الإمام أحمد.
وعن طارق بن شهاب عن عبد الله قال أن الرجل يخرج من بيته ومعه دينه فيرجع وما معه شيء يأتي الرجل لا يملك له ولا لنفسه ضرا ولا نفعا فيقسم له بالله انك لذيت وذيت فيرجع وما حبي من حاجته بشيء ويسخط الله عليه .
وعن إبراهيم قال قال عبد الله بن مسعود الإثم حوار القلوب وما كان م نظرة فان للشيطان فيها مطمعا .
وعنه عن عبد الله قال مع كل فرحة ترحة وما مليء بيت حبرة إلا مليء عبرة رواح أحمد.
وعن الضحاك بن مزاحم قال قال عبد الله ما منكم إلا ضيف وماله عارية فالضيف مرتحل والعارية مؤداة إلى أهلها .
وعن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال أتاه رجل فقال يا أبا عبد الرحمن علمين كلمات جوامع نوافع فقال له عبد الله لا تشرك به شيئا وزل مع القرآن حيث زال ومن جاءك بالحق فاقبل منه وان كان بعيدا بغيضا ومن جاءك بالباطل فاردده عليه وان كان حبيبا قريبا .
وعن مالك بن مغول قال قال عبد الله بن مسعود يكون في آخر الزمان اقوام افضل أعمالها التلاؤم بينهم يسمون الانتان.
وعن خيثمة قال قال عبد الله إذا حب الرجل ان ينصف من نفسه فليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه .
وروي أيضا عن خيثمة قال قال عبد الله الحق ثقيل مريء والباطل خفيف وبي ورب شهوة تورث حزنا طويلا .
وعن عنبس بن عقبة قال قال عبد الله بن مسعود والله الذي لا اله إلا هو ما على وجه الأرض شيء أحوج إلى طول سجن من لسان .
وعن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال إذا ظهر الزنا والربا في قرية اذن بهلاكها .
وعن أبي عبيدة قال قال عبد الله من استطاع منكم ان يجعل كنزه في السماء حيث لا تاكله السوس ولا يناله السراق فليفعل فان قلب الرجل مع كنزه .
وعن القاسم قال قال رجل لعبد الله أوصني يا أبا عبد الرحمن قال ليسعك بيتك واكفف لسانك وابك على ذكر خطيئتك .
وعن عبد الرحمن بن زيد عن عبد الله قال أنتم اطول صلاة وأكثر اجتهادا م أصحاب رسول الله. صلى الله عليه وسلم وهم كانوا افضل منكم قيل له بأي شيء قال انهم كانوا ازهد في الدنيا أو رغب في الآخرة منكم.
وعن زاذان عن عبد الله بن مسعود قال يؤتى بالعبد يوم القيامة فيقال له أد امانتك فيقول من اين يا رب قد ذهبت الدنيا فتمثل على هيئتها يوم أخذها في قعر جهنم فينزل فيأخذها فيضعها على عاتقه فيصعد بها حتى إذا ظن أنه خارج بها وهوى في أثرها أبد الآبدين.
وعن أبي الاحوص عن عبد الله قال لا يقلدن أحدكم دينه رجلا فان آمن آمن وإن كفر كفر وان كنتم لا بد مقتدين فافتدوا بالميت فان الحي لا تؤمن عليه الفتنة.
وعن عبد الرحمن بن يزيد قال قال عبد الله لا تكونن امعة قالوا وما الامعة? قال يقول أنا مع الناس ان اهتدوا اهتديت وان ضلوا ضللت إلا ليوطنن أحدكم نفسه على أنه ان كفر الناس ان لا يكفر.
وعن سليمان بن مهران قال بينما ابن مسعود يوما معه نفر من أصحابه إذ مر اعرابي فقال على ما اجتمع هؤلاء فقال ابن مسعود على ميراث محمد. صلى الله عليه وسلم يقتسمونه.
وعن خيثم بن عمرو ان ابن مسعود أوصى ان يكفن في حلة بمائتي درهم.
وقد سبق ذكر وفاته وموضع دفنه في أول أخباره.