باب سجدتي السهو
قال الإمام أحمد: يحفظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم- خمسة أشياء سلم من اثنتين فسجد وسلم من ثلاث فسجد وفي الزيادة والنقصان, وقام من اثنتين ولم يتشهد وقال الخطابي: المعتمد عند أهل العلم هذه الأحاديث الخمسة يعنى حديثى ابن مسعود وأبي سعيد وأبي هريرة, وابن بحينة .
مسألة
قال أبو القاسم: [ومن سلم وقد بقي عليه شيء من صلاته أتى بما بقي عليه من صلاته, وسلم ثم سجد سجدتي السهو ثم تشهد وسلم كما روى أبو هريرة وعمران بن حصين عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه فعل ذلك] وجملة ذلك, أن من سلم قبل إتمام صلاته ساهيا ثم علم قبل طول الفصل ونقض وضوئه فعليه أن يأتي بما بقي ثم يتشهد ويسلم, ثم يسجد سجدتي السهو ويتشهد ويسلم وإن لم يذكر حتى قام فعليه أن يجلس لينهض إلى الإتيان بما بقي عن جلوس فإن هذا القيام واجب للصلاة ولم يأت به قاصدا لها, فكان عليه الإتيان به مع النية ولا نعلم في جواز إتمام الصلاة في حق من نسي ركعة فما زاد اختلافا والأصل في ذلك ما روى ابن سيرين عن أبي هريرة قال: (صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إحدى صلاتى العشى - قال ابن سيرين: سماها لنا أبو هريرة, ولكن أنا نسيت - فصلى ركعتين ثم سلم فقام إلى خشبة معروضة في المسجد, فوضع يده عليها كأنه غضبان فشبك أصابعه ووضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى وخرجت السرعان من المسجد فقالوا: أقصرت الصلاة وفي القوم أبو بكر, وعمر فهاباه أن يكلماه وفي القوم رجل في يديه طول يقال له: ذو اليدين فقال: يا رسول الله أنسيت أم قصرت الصلاة؟ قال لم أنس ولم تقصر, فقال: أكما يقول ذو اليدين؟ قالوا: نعم قال: فتقدم فصلى ما ترك من صلاته ثم سلم, ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع رأسه فكبر ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول, ثم رفع رأسه فكبر قال فربما سألوه: ثم سلم )؟ قال: فنبئت أن عمران بن حصين قال: ثم سلم متفق عليه ورواه أبو داود وزاد قال: قلت فالتشهد؟ قال: لم أسمع في التشهد وأحب إلى أن يتشهد وروى مسلم بإسناده عن أبي المهلب, عن عمران بن الحصين قال (سلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في ثلاث ركعات من العصر ثم قام فدخل الحجرة فقام رجل بسيط اليدين, فقال: أقصرت الصلاة يا رسول الله؟ فخرج مغضبا فصلى الركعة التي كان ترك ثم سلم ثم سجد سجدتي السهو, ثم سلم) وروى ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم وذو اليدين مثل حديث أبي هريرة .
فصل
فإن طال الفصل, أو انتقض وضوءه استأنف الصلاة وكذلك قال الشافعي إن ذكر قريبا مثل فعل النبي - صلى الله عليه وسلم- يوم ذى اليدين ونحوه قال مالك وقال يحيى الأنصاري والليث, والأوزاعي: يبنى ما لم ينقض وضوءه ولنا أنها صلاة واحدة, فلم يجز بناء بعضها على بعض مع طول الفصل كما لو انتقض وضوءه ويرجع في طول الفصل وقصره إلى العادة من غير تقدير بمدة وهو مذهب الشافعي في أحد الوجوه وعنه يعتبر قدر ركعة وقال بعضهم: يعتبر بقدر مضى الصلاة التي نسي فيها والصحيح لا حد له لأنه لم يرد الشرع بتحديده فيرجع فيه إلى العادة والمقاربة لمثل حال النبي - صلى الله عليه وسلم- في حديث ذى اليدين .
فصل
فإن لم يذكر حتى شرع في صلاة أخرى نظرت فإن كان ما عمل في الثانية قليلا, ولم يطل الفصل عاد إلى الأولى فأتمها وإن طال بطلت الأولى وهذا مذهب الشافعي وقال الشيخ أبو الفرج في المبهج: يجعل ما شرع فيه من الصلاة الثانية تماما للأولى, فيبنى إحداهما على الأخرى ويكون وجود السلام كعدمه لأنه سهو معذور فيه وسواء كان ما شرع فيه نفلا أو فرضا وقال الحسن وحماد بن أبي سليمان فيمن سلم قبل إتمام المكتوبة وشرع في تطوع يبطل المكتوبة قال مالك: أحب إلى أن يبتدئها ونص عليه أحمد فقال, في رواية أبي الحارث إذا صلى ركعتين من المغرب وسلم ثم دخل في التطوع: إنه بمنزلة الكلام يستأنف الصلاة ولنا أنه عمل عملا من جنس الصلاة سهوا فلم تبطل, كما لو زاد خامسة وأما بناء الثانية على الأولى فلا يصح لأنه قد خرج من الأولى ولم ينوها بعد ذلك, ونية غيرها لا تجزئ عن نيتها كحالة الابتداء.
مسألة
قال: ومن كان إماما فشك فلم يدر كم صلى؟ تحرى, فبنى على أكثر وهمه ثم سجد بعد السلام كما روى عن عبد الله بن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قوله " على أكثر وهمه " أي ما يغلب على ظنه أنه صلاه وهذا في الإمام خاصة, وروي عن أحمد -رحمه الله- رواية أخرى أنه يبنى على اليقين ويسجد قبل السلام كالمنفرد سواء اختارها أبو بكر وروى ذلك عن ابن عمر وابن عباس, وعبد الله بن عمرو وشريح والشعبي, وعطاء وسعيد بن جبير وهو قول سالم بن عبد الله وربيعة, ومالك وعبد العزيز بن أبي سلمة والثوري والشافعي, وإسحاق والأوزاعي لما روى أبو سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- (إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى أثلاثا أم أربعا فليطرح الشك, وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته, وإن كان صلى تمام الأربع كانتا ترغيما للشيطان) أخرجه مسلم وأبو داود وابن ماجه وعن عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال (إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر أزاد أو نقص, فإن كان شك أحدكم في صلاته فلم يدر أزاد أو نقص فإن كان شك في الواحدة والاثنتين فليجعلهما واحدة, حتى يكون الوهم في الزيادة ثم ليسجد سجدتين وهو جالس قبل أن يسلم ثم يسلم) رواه الأثرم وابن ماجه ولأن الأصل عدم الإتيان بما شك فيه, فلزمه الإتيان به كما لو شك هل صلى أو لا وذكر ابن أبي موسى, في الإرشاد عن أحمد رواية أخرى في المنفرد أنه يبنى على غالب ظنه كالإمام وهو ظاهر كلام أحمد -رحمه الله- في رواية من قال: بين التحري واليقين فرق أما حديث عبد الرحمن بن عوف فيقول إذا لم يدر ثلاثا أو اثنتين, جعلها اثنتين قال: فهذا عمل على اليقين فبنى عليه والذي يتحرى يكون قد صلى ثلاثا, فيدخل قلبه شك أنه إنما صلى اثنتين إلا أن يكون أكثر ما في نفسه أنه قد صلى ثلاثا وقد دخل قلبه شيء, فهذا يتحرى أصوب ذلك ويسجد بعد السلام قال فبينهما فرق فظاهر هذا أنه إنما يبنى على اليقين إذا لم يكن له ظن ومتى كان له غالب ظن, عمل عليه لا فرق بين الإمام والمنفرد روى ذلك عن على بن أبي طالب وابن مسعود وبنحوه قال النخعي, وقاله أصحاب الرأي إن تكرر ذلك عليه وإن كان أول ما أصابه أعاد الصلاة لقوله عليه السلام (لا غرار في الصلاة) ووجه هذه الرواية ما روى عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: (إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب, فليتم عليه ثم ليسجد سجدتين) متفق عليه وللبخاري: " بعد التسليم " وفي لفظ: " فلينظر أحرى ذلك للصواب " وفي لفظ: [فليتحر أقرب ذلك للصواب] وفي لفظ " فليتحر الذي يرى أنه الصواب " رواه كله مسلم وفي لفظ رواه أبو داود, قال: [إذا كنت في صلاة فشككت في ثلاث أو أربع وأكثر ظنك على أربع تشهدت, ثم سجدت سجدتين وأنت جالس] فعلى هذا يحمل حديث أبي سعيد على من استوى عنده الأمران فلم يكن له ظن وحديث ابن مسعود على من له رأى وظن يعمل بظنه جمعا بين الحديثين وعملا بهما فيكون أولى ولأن الظن دليل في الشرع فوجب اتباعه كما لو اشتبهت عليه القبلة واختار الخرقي التفريق بين الإمام والمنفرد فجعل الإمام يبنى على الظن والمنفرد يبنى على اليقين, وهو الظاهر في المذهب نقله عن أحمد الأثرم وغيره والمشهور عن أحمد البناء على اليقين في حق المنفرد لأن الإمام له من ينبهه ويذكره إذا أخطأ الصواب فليعمل بالأظهر عنده, فإن أصاب أقره المأمومون فيتأكد عنده صواب نفسه وإن أخطأ سبحوا به, فرجع إليهم فيجعل له الصواب على كلتا الحالتين وليس كذلك المنفرد, إذ ليس له من يذكره فيبنى على اليقين ليحصل له إتمام صلاته, ولا يكون مغرورا بها وهو معنى قوله عليه الصلاة والسلام: (لا غرار في الصلاة) وعلى هذا يحمل حديث أبي سعيد وعبد الرحمن بن عوف على المنفرد وحديث ابن مسعود على الإمام, جمعا بين الأخبار وتوفيقا بينها فإن استوى الأمران عند الإمام بنى على اليقين أيضا وعلى الرواية الثانية يحمل حديث أبي سعيد وعبد الرحمن على من لا ظن له, وحديث ابن مسعود على من له ظن فأما قول أصحاب الرأي فيخالف السنة الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وقد روى أبو هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال (إن أحدكم إذا قام فصلى جاءه الشيطان فلبس عليه حتى لا يدرى كم صلى؟ فإذا وجد ذلك أحدكم, فليسجد سجدتين وهو جالس) متفق عليه ولأنه شك في الصلاة فلم يبطلها كما لو تكرر ذلك منه وقوله عليه الصلاة والسلام: [لا غرار] يعنى لا ينقص من صلاته ويحتمل أنه أراد لا يخرج منها وهو في شك من تمامها ومن بنى على اليقين لم يبق في شك من تمامها, وكذلك من بنى على غالب ظنه فوافقه المأمومون أو ردوا عليه غلطه فلا شك عنده.
فصل
ومتى استوى عنده الأمران بنى على اليقين, إماما كان أو منفردا وأتى بما بقي من صلاته وسجد للسهو قبل السلام لأن الأصل البناء على اليقين وإنما جاز تركه في حق الإمام, لمعارضته الظن الغالب فإذا لم يوجد وجب الرجوع إلى الأصل.
فصل
وإذا سها الإمام فأتى بفعل في غير موضعه لزم المأمومين تنبيهه, فإن كانوا رجالا سبحوا به وإن كانوا نساء صفقن ببطون أكفهن على ظهور الأخرى وبهذا قال الشافعي وقال مالك: التسبيح للرجال والنساء لقول النبي - صلى الله عليه وسلم- (من نابه شيء في صلاته, فليقل: سبحان الله) متفق عليه وحكي عن أبي حنيفة أن تنبيه الآدمي بالتسبيح أو القرآن أو الإشارة يبطل الصلاة لأن ذلك خطاب آدمي وقد روى أبو غطفان عن أبي هريرة, أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: (من أشار بيده في الصلاة إشارة تفقه أو تفهم فقد قطع الصلاة) .
ولنا ما روى أبو هريرة قال: (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: التسبيح للرجال والتصفيق للنساء) وعن سهل بن سعد, قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: (إذا نابكم في صلاتكم شيء فليسبح الرجال ولتصفق النساء) متفق عليهما وروى عبد الله بن عمر قال: قلت لبلال: (كيف كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يرد عليهم حين كانوا يسلمون عليه في الصلاة؟ قال: كان يشير بيده) وعن صهيب, قال: (مررت برسول الله - صلى الله عليه وسلم- وهو يصلي فسلمت عليه فرد على إشارة وقال: لا أعلم إلا أنه قال: إشارة بإصبعه) قال الترمذي: كلا الحديثين صحيح وقد ذكرنا حديث أنس, أن النبي - صلى الله عليه وسلم- كان يشير في الصلاة فأما حديث مالك ففي حق الرجال فإن حديثنا يفسره لأن فيه تفصيلا وزيادة بيان, يتعين الأخذ بها وأما حديث أبي حنيفة فضعيف يرويه أبو غطفان وهو مجهول فلا يعارض به الأحاديث الصحيحة .
فصل
إذا سبح به اثنان يثق بقولهما لزمه قبوله, والرجوع إليه سواء غلب على ظنه صوابهما أو خلافه وقال الشافعي: إن غلب على ظنه خطؤهما لم يعمل بقولهما لأن من شك في فعل نفسه لم يعمل بقول غيره كالحاكم إذا نسي حكما حكم به, فشهد به شاهدان وهو لا يذكره ولنا: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم- رجع إلى قول أبي بكر وعمر رضي الله عنهما في حديث ذى اليدين, لما سألهما: أحق ما يقول ذو اليدين؟ قالوا: نعم) مع أنه كان شاكا بدليل أنه أنكر ما قاله ذو اليدين وسألهما عن صحة قوله, وهذا دليل على شكه ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم- أمرهم بالتسبيح ليذكروا الإمام, ويعمل بقولهم وروى ابن مسعود (أن النبي - صلى الله عليه وسلم- صلى فزاد أو نقص إلى قوله: إنما أنا بشر أنسى كما تنسون, فإذا نسيت فذكروني) يعنى بالتسبيح كما روى عنه في الحديث الآخر وكذا نقول في الحاكم: إنه يرجع إلى قول الشاهدين وإن كان الإمام على يقين من صوابه وخطإ المأمومين, لم يجز له متابعتهم وقال أبو الخطاب: يلزمه الرجوع إلى قولهم كالحاكم يحكم بالشاهدين ويترك يقين نفسه وليس بصحيح فإنه يعلم خطأهم فلا يتبعهم في الخطأ وكذا نقول في الشاهدين: متى علم الحاكم كذبهما لم يجز له الحكم بقولهما لأنه يعلم أنهما شاهدا زور فلا يحل له الحكم بقول الزور, وإنما اعتبرت العدالة في الشهادة ليغلب على الظن صدق الشهود وردت شهادة غيرهم لأنه لا يعلم صدقهم فمع يقين العلم بالكذب أولى أن لا يقبل وإذا ثبت هذا, فإنه إذا سبح به المأمومون فلم يرجع في موضع يلزمه الرجوع بطلت صلاته نص عليه أحمد وليس للمأمومين اتباعه, فإن اتبعوه لم يخل من أن يكونوا عالمين بتحريم ذلك أو جاهلين به فإن كانوا عالمين بطلت صلاتهم لأنهم تركوا الواجب عمدا وقال القاضي: في هذا ثلاث روايات: إحداها, أنه لا يجوز لهم متابعته ولا يلزمهم انتظاره إن كان نسيانه في زيادة يأتي بها, وإن فارقوه وسلموا صحت صلاتهم وهذا اختيار الخلال والثانية: يتابعونه في القيام استحسانا والثالثة: لا يتابعونه ولا يسلمون قبله, لكن ينتظرونه ليسلم بهم وهو اختيار ابن حامد والأول أولى لأن الإمام مخطئ في ترك متابعتهم فلا يجوز اتباعه على الخطأ الحال الثاني: إن تابعوه جهلا بتحريم ذلك فإن صلاتهم صحيحة لأن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم- تابعوه في التسليم في حديث ذى اليدين, وفي الخامسة في حديث ابن مسعود فلم تبطل صلاتهم وروى الأثرم بإسناده عن الزبير أنه صلى صلاة العصر, فلما سلم قال له رجل من القوم: يا أبا عبد الله إنك صليت ركعات ثلاثا قال أكذاك؟ قالوا: نعم فرجع فصلى ركعة ثم سجد سجدتين وعن إبراهيم قال صلى بنا علقمة الظهر خمسا, فلما سلم قال القوم: يا أبا شبل قد صليت خمسا قال: كلا ما فعلت قالوا: بلى قال: وكنت في ناحية القوم وأنا غلام, فقلت: بلى قد صليت خمسا قال لي: يا أعور وأنت تقول ذلك أيضا؟ قلت: نعم فسجد سجدتين فلم يأمروا من وراءهم بالإعادة فدل على أن صلاتهم لم تبطل بمتابعتهم ومتى عمل الإمام بغالب ظنه فسبح به المأمومون, فرجع إليهم فإن سجوده قبل السلام لما فعله من الزيادة في الصلاة سهوا قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله يسأل عن رجل جلس في الركعة الأولى من الفجر, فسبحوا به فقام متى يسجد للسهو؟ فقال: قبل السلام.
فصل
فإن سبح بالإمام واحد لم يرجع إلى قوله إلا أن يغلب على ظنه صدقه, فيعمل بغالب ظنه لا بتسبيحه لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- لم يقبل قول ذى اليدين وحده فإن سبح فساق لم يرجع إلى قولهم لأن قولهم غير مقبول في أحكام الشرع وإن افترق المأمومون طائفتين, وافقه قوم وخالفه آخرون سقط قولهم لتعارضهم كالبينتين إذا تعارضتا ومتى لم يرجع, وكان المأموم على يقين من خطأ الإمام لم يتابعه في أفعال الصلاة وليس هذا منها وينبغى أن ينتظره ها هنا, لأن صلاة الإمام صحيحة لم تفسد بزيادة, فينتظره كما ينتظر الإمام المأمومين في صلاة الخوف.
مسألة
قال [وما عدا هذا من السهو فسجوده قبل السلام مثل المنفرد إذا شك في صلاته فلم يدر كم صلى, فبنى على اليقين أو قام في موضع جلوس أو جلس في موضع قيام, أو جهر في موضع تخافت أو خافت في موضع جهر أو صلى خمسا, أو ما عدا ذلك من السهو فكل ذلك يسجد له قبل السلام] وجملة ذلك أن السجود كله عند أحمد قبل السلام, إلا في الموضعين اللذين ورد النص بسجودهما بعد السلام وهما إذا سلم من نقص في صلاته أو تحرى الإمام, فبنى على غالب ظنه وما عداهما يسجد له قبل السلام نص على هذا في رواية الأثرم قال: أنا أقول كل سهو جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه يسجد فيه بعد السلام, وسائر السجود يسجد فيه قبل السلام هو أصح في المعنى وذلك أنه من شأن الصلاة فيقضيه قبل أن يسلم ثم قال: سجد النبي - صلى الله عليه وسلم- في ثلاثة مواضع بعد السلام, وفي غيرها قبل السلام قلت: اشرح الثلاثة مواضع التي بعد السلام قال: سلم من ركعتين فسجد بعد السلام هذا حديث ذى اليدين وسلم من ثلاث فسجد بعد السلام, هذا حديث عمران بن حصين وحديث ابن مسعود في موضع التحري سجد بعد السلام قال القاضي: لا يختلف قول أحمد في هذين الموضعين أنه يسجد لهما بعد السلام واختلف في من سها فصلى خمسا هل يسجد قبل السلام أو بعده؟ على روايتين وما عدا هذه المواضع يسجد لها قبل السلام, رواية واحدة وبهذا قال سليمان بن داود وأبو خيثمة وابن المنذر, وحكى أبو الخطاب عن أحمد روايتين أخريين إحداهما أن السجود كله قبل السلام روى ذلك عن أبي هريرة ومكحول, والزهري ويحيى الأنصاري وربيعة, والليث والأوزاعي وهو مذهب الشافعي لحديث ابن بحينة وأبي سعيد وقال الزهري: كان آخر الأمرين السجود قبل السلام ولأنه تمام الصلاة وجبر لنقصها, فكان قبل سلامها كسائر أفعالها والثانية أن ما كان من نقص سجد له قبل السلام لحديث ابن بحينة وما كان من زيادة سجد له بعد السلام لحديث ذى اليدين وحديث ابن مسعود حين صلى النبي - صلى الله عليه وسلم- خمسا وهذا مذهب مالك وأبي ثور وروي عن ابن مسعود أنه قال: كل شيء شككت فيه من صلاتك من نقصان, من ركوع أو سجود أو غير ذلك فاستقبل أكثر ظنك, واجعل سجدتي السهو من هذا النحو قبل التسليم فأما غير ذلك من السهو فاجعله بعد التسليم رواه سعيد وقال أصحاب الرأي: سجود السهو كله بعد السلام وله فعلهما قبل السلام يروى نحو ذلك عن علي, وسعد بن أبي وقاص وابن مسعود وعمار, وابن عباس وابن الزبير وأنس, والحسن والنخعي وابن أبي ليلى لحديث ذى اليدين, وحديث ابن مسعود التحري وروى ثوبان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: (لكل سهو سجدتان بعد التسليم) رواه سعيد وعن عبد الله بن جعفر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: (من شك في صلاته فليسجد سجدتين بعدما يسلم) رواهما أبو داود ولنا أنه قد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم- السجود قبل السلام, وبعده في أحاديث صحيحة متفق عليها ففيما ذكرناه عمل بالأحاديث كلها, وجمع بينها من غير ترك شيء منها وذلك واجب مهما أمكن, فإن خبر النبي - صلى الله عليه وسلم- حجة يجب المصير إليه والعمل به ولا يترك إلا لمعارض مثله, أو أقوى منه وليس في سجوده بعد السلام أو قبله, في صورة ما ينفي سجوده في صورة أخرى في غير ذلك الموضع وذكر نسخ حديث ذى اليدين لا وجه له, فإن راوييه أبا هريرة وعمران بن حصين هجرتهما متأخرة وقول الزهري مرسل لا يقتضي نسخا فإنه لا يجوز أن يكون آخر الأمرين سجوده قبل السلام لوقوع السهو في آخر الأمر فيما سجوده قبل السلام وحديث ثوبان راويه إسماعيل بن عياش وفي روايته عن أهل الحجاز ضعف وحديث ابن جعفر فيه ابن أبي ليلى وهو ضعيف وقال الأثرم: لا يثبت واحد منهما.
فصل
في تفصيل المسائل التي ذكرها الخرقي في هذه المسألة قوله [مثل المنفرد إذا شك في صلاته, فلم يدر كم صلى فبنى على اليقين] قد ذكرنا أن ظاهر المذهب أن المنفرد يبنى على اليقين ومعناه أنه ينظر ما تيقن أنه صلاه من الركعات, فيتم عليه ويلغى ما شك فيه كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم- في حديث عبد الرحمن بن عوف: (إذا شك أحدكم في الثنتين والواحدة فليجعلها واحدة, وإذا شك في الثنتين والثلاث فليجعلهما ثنتين وإذا شك في الثلاث والأربع فليجعلها ثلاثا, ثم ليتم ما بقي من صلاته حتى يكون الوهم في الزيادة ثم يسجد سجدتين وهو جالس قبل أن يسلم) رواه ابن ماجه هكذا وسواء غلب على ظنه خلاف ذلك أم لم يغلب على ظنه إلا أن يكون هذا الوهم مثل الوسواس, فقد قال ابن أبي موسى إذا كثر السهو حتى يصير مثل الوسواس لها عنه وذكرنا أن في المنفرد رواية أخرى أنه يبنى على ما يغلب على ظنه والصحيح في المذهب ما ذكر الخرقي -رحمه الله- , والحكم في الإمام إذا بنى على اليقين أنه يسجد قبل السلام كالمنفرد وإذا تحرى المنفرد على الرواية الأخرى سجد بعد السلام.
فصل
قوله: أو قام في موضع جلوس أو جلس في موضع قيام " أكثر أهل العلم يرون أن هذا يسجد له وممن قال ذلك ابن مسعود, وقتادة والثوري والشافعي, وإسحاق وأصحاب الرأي وكان علقمة والأسود يقعدان في الشيء يقام فيه ويقومان في الشيء يقعد فيه فلا يسجدان ولنا قول النبي - صلى الله عليه وسلم- (إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين) وقال: (إذا زاد الرجل أو نقص فليسجد سجدتين) رواهما مسلم عن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم- وقوله عليه الصلاة والسلام: (لكل سهو سجدتان بعد السلام) رواه أبو داود ولأنه سهو فسجد له كغيره, مع ما نذكره في تفصيل المسائل فأما القيام في موضع الجلوس ففي ثلاث صور: إحداها أن يترك التشهد الأول ويقوم , وفيه ثلاث مسائل:
المسألة الأولى:
ذكره قبل اعتداله قائما فيلزمه الرجوع إلى التشهد وممن قال يجلس علقمة والضحاك, وقتادة والأوزاعي والشافعي, وابن المنذر وقال مالك: إن فارقت أليتاه الأرض مضى وقال حسان بن عطية: إذا تجافت ركبتاه عن الأرض مضى .
ولنا ما روى المغيرة بن شعبة عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا قام أحدكم في الركعتين, فلم يستتم قائما فليجلس فإذا استتم قائما فلا يجلس, ويسجد سجدتي السهو) رواه أبو داود وابن ماجه ولأنه أخل بواجب ذكره قبل الشروع في ركن مقصود فلزمه الإتيان به كما لو لم تفارق أليتاه الأرض .
المسألة الثانية:
ذكره بعد اعتداله قائما, وقبل شروعه في القراءة فالأولى له أن لا يجلس وإن جلس جاز نص عليه قال النخعي: يرجع ما لم يستفتح القراءة وقال حماد بن أبي سليمان: إن ذكر ساعة يقوم جلس ولنا, حديث المغيرة وما نذكره فيما بعد ولأنه ذكره بعد الشروع في ركن فلم يلزمه الرجوع, كما لو ذكره بعد الشروع في القراءة ويحتمل أنه لا يجوز له الرجوع لحديث المغيرة ولأنه شرع في ركن فلم يجز له الرجوع, كما لو شرع في القراءة.
المسألة الثالثة:
ذكره بعد الشروع في القراءة فلا يجوز له الرجوع ويمضى في صلاته, في قول أكثر أهل العلم وممن روى عنه أنه لا يرجع عمر وسعد بن أبي وقاص وابن مسعود, والمغيرة بن شعبة والنعمان بن بشير وابن الزبير والضحاك بن قيس, وعقبة بن عامر وهو قول أكثر الفقهاء وقال الحسن يرجع ما لم يركع وليس بصحيح لحديث المغيرة وروى أبو بكر الآجرى بإسناده عن معاوية: أنه صلى بهم فقام في الركعتين وعليه الجلوس, فسبح به فأبى أن يجلس حتى إذا جلس يسلم سجد سجدتين وهو جالس, ثم قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فعل هذا ولأنه شرع في ركن مقصود فلم يجز له الرجوع كما لو شرع في الركوع إذا ثبت هذا فإنه يسجد قبل السلام في جميع هذه المسائل لحديث معاوية, ولما روى عبد الله بن مالك بن بحينة (أن النبي - صلى الله عليه وسلم- صلى بهم الظهر فقام في الركعتين الأوليين ولم يجلس, فقام الناس معه فلما قضى الصلاة وانتظر الناس تسليمه كبر وهو جالس فسجد سجدتين قبل أن يسلم) متفق عليه.
فصل
إذا علم المأمومون بتركه التشهد الأول, قبل قيامهم وبعد قيام إمامهم تابعوه في القيام, ولم يجلسوا للتشهد حكاه الآجرى عن أحمد وقال: هذا قول مالك والشافعي, وأبي ثور وأهل العراق ولا نعلم فيه خلافا لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- لما سها عن التشهد الأول وقام قام الناس معه, وفعله جماعة من الصحابة ممن صلى بالناس نهضوا في الثانية عن الجلوس فسبحوا بهم, فلم يلتفتوا إلى من سبح بهم وبعضهم أومأ إليهم بالقيام فقاموا قالوا ومما احتج به أحمد من فعل الصحابة, أنهم كانوا يقومون معه قال: حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا: المسعودى عن هلال بن علاثة قال: (صلى بنا المغيرة بن شعبة, فلما صلى ركعتين قام ولم يجلس فسبح به من خلفه فأشار إليهم أن قوموا, فلما فرغ من صلاته سلم وسجد سجدتين وسلم ثم قال: هكذا صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم-) قال: وحدثنا وكيع قال: أخبرنا عمران بن حدير عن مضر بن عاصم الليثي, قال: أوهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه في القعدة فسبحوا به فقال: سبحان الله هكذا أي قوموا وروى بإسناده مثل ذلك عن سعد ورواه الآجرى عن ابن مسعود وعن عقبة بن عامر, وقال: إني سمعتكم تقولون سبحان الله لكيما أجلس فليست تلك السنة إنما السنة التي صنعت وقد ذكرنا حديث ابن بحينة فأما إن سبحوا به قبل قيامه فلم يرجع, تشهدوا لأنفسهم ولم يتبعوه في تركه لأنه ترك واجبا تعين فعله عليه, فلم يكن لهم متابعته في تركه ولو رجع إلى التشهد بعد شروعه في القراءة لم يكن لهم متابعته في ذلك لأنه أخطأ فأما الإمام فمتى فعل ذلك عالما بتحريمه بطلت صلاته لأنه زاد في الصلاة من جنسها عمدا, أو ترك واجبا عمدا وإن كان جاهلا بالتحريم أو ناسيا لم تبطل لأنه زاد في الصلاة سهوا ومتى علم بتحريم ذلك وهو في التشهد, نهض ولم يتم الجلوس ولو ذكر الإمام التشهد قبل انتصابه وبعد قيام المأمومين, وشروعهم في القراءة فرجع لزمهم الرجوع لأن الإمام رجع إلى واجب, فلزمهم متابعته ولا اعتبار بقيامهم قبله.
فصل
وإن نسي التشهد دون الجلوس له فحكمه في الرجوع إليه حكم ما لو نسيه مع الجلوس لأن التشهد هو المقصود فأما إن نسي شيئا من الأذكار الواجبة كتسبيح الركوع والسجود, وقول: رب اغفر لي بين السجدتين وقول: ربنا ولك الحمد فإنه لا يرجع إليه بعد الخروج من محله لأن محل الذكر ركن قد وقع مجزئا صحيحا فلو رجع إليه لكان زيادة في الصلاة وتكرارا لركن, ثم يأتي بالذكر في ركوع أو سجود زائد غير مشروع بخلاف التشهد ولكنه يمضى ويسجد للسهو لتركه, قياسا على ترك التشهد الصورة الثانية: قام من السجدة الأولى ولم يجلس للفصل بين السجدتين فهذا قد ترك ركنين جلسة الفصل, والسجدة الثانية فلا يخلو من حالين: أحدهما أن يذكر قبل الشروع في القراءة فيلزمه الرجوع وهذا قول مالك والشافعي ولا أعلم فيه مخالفا, فإذا رجع فإنه يجلس جلسة الفصل ثم يسجد السجدة الثانية, ثم يقوم إلى الركعة الأخرى وقال بعض أصحاب الشافعي لا يحتاج إلى الجلوس لأن الفصل قد حصل بالقيام وليس بصحيح لأن الجلسة واجبة ولا ينوب عنها القيام كما لو عمد ذلك فأما إن كان جلس للفصل ثم قام ولم يسجد فإنه يسجد, ولا يلزمه الجلوس وقيل: يلزمه ليأتى بالسجدة عن جلوس ولا يصح لأنه أتى بالجلسة فلم تبطل بسهو بعدها كالسجدة الأولى ويصير كأنه سجد عقيب الجلوس فإن كان يظن أنه سجد سجدتين, وجلس جلسة الاستراحة لم يجزه عن جلسة الفصل لأنها هيئة فلا تنوب عن الواجب, كما لو ترك سجدة من ركعة ثم سجد للتلاوة وهكذا الحكم في ترك ركن غير السجود مثل الركوع أو الاعتدال عنه فإنه يرجع إليه متى ذكره, قبل الشروع في قراءة الركعة الأخرى فيأتى به ثم بما بعده لأن ما أتى به بعده غير معتد به لفوات الترتيب الحال الثاني: ترك ركنا إما سجدة, أو ركوعا ساهيا ثم ذكره بعد الشروع في قراءة الركعة التي تليها, بطلت الركعة التي ترك الركن منها وصارت التي شرع في قراءتها مكانها نص على هذا أحمد في رواية الجماعة قال الأثرم: سألت أبا عبد الله عن رجل صلى ركعة, ثم قام ليصلى أخرى فذكر أنه إنما سجد للركعة الأولى سجدة واحدة؟ فقال: إن كان أول ما قام قبل أن يحدث عمله للأخرى فإنه, ينحط ويسجد ويعتد بها وإن كان أحدث عمله للأخرى ألغى الأولى, وجعل هذه الأولى قلت: يستفتح أو يجزئ الاستفتاح الأول؟ قال: لا يستفتح ويجزئه الأول قلت: فنسى سجدتين من ركعتين؟ قال: لا يعتد بتينك الركعتين والاستفتاح ثابت وهذا قول إسحاق وقال الشافعي: إذا ذكر الركن المتروك قبل السجود في الثانية, فإنه يعود إلى السجدة الأولى وإن ذكره بعد سجوده في الثانية وقعتا عن الأولى لأن الركعة الأولى قد صح فعلها وما فعله في الثانية - سهوا - لا يبطل الأولى, كما لو ذكر قبل القراءة وقد ذكر أحمد هذا القول عن الشافعي وقربه وقال: هو أشبه يعنى من قول أصحاب أبي حنيفة إلا أنه اختار القول الذي حكاه عنه الأثرم وقال مالك: إن ترك سجدة فذكرها قبل رفع رأسه من ركوع الثانية ألغى الأولى وقال الحسن والنخعي, والأوزاعي: من نسي سجدة ثم ذكرها سجدها في الصلاة متى ما ذكرها وقال الأوزاعي: يرجع إلى حيث كان من الصلاة وقت ذكرها, فيمضى فيها وقال أصحاب الرأي في من نسي أربع سجدات من أربع ركعات ثم ذكرها في التشهد: سجد في الحال أربع سجدات, وتمت صلاته ولنا أن المزحوم في الجمعة إذا زال الزحام والإمام راكع في الثانية فإنه يتبعه ويسجد معه, ويكون السجود من الثانية دون الأولى كذا ها هنا.
فصل
فإن مضى في موضع يلزمه الرجوع أو رجع في موضع يلزمه المضي, عالما بتحريم ذلك فسدت صلاته لأنه ترك واجبا في الصلاة عمدا وإن فعل ذلك معتقدا جوازه لم تبطل لأنه تركه من غير تعمد, أشبه ما لو مضى قبل ذكر المتروك لكن إذا مضى في موضع يلزمه الرجوع فسدت الركعة التي ترك ركنها, كما لو لم يذكره إلا بعد شروعه في القراءة وإن رجع في موضع المضى لم يعتد بما يفعله في الركعة التي تركه منها لأنها فسدت بشروعه في قراءة غيرها فلم يعد إلى الصحة بحال الصورة الثالثة: قام عن التشهد الأخير إلى ركعة زائدة, فإنه يرجع إليه متى ما ذكره لأنه قام إلى زيادة غير معتد له بها فلزمه الرجوع كما لو ذكر قبل السجود ويأتى تفصيل هذه الصورة فيما إذا صلى خمسا وفي هذه الصور الثلاث يلزمه السجود قبل السلام.
فصل
قوله: " أو جلس في موضع قيام " فهذا يتصور بأن يجلس عقيب الأولى أو الثالثة يظن أنه موضع التشهد أو جلسة الفصل فمتى ما ذكر قام وإن لم يذكر حتى قام, أتم صلاته وسجد للسهو لأنه زاد في الصلاة من جنسها ما لو فعله عمدا أبطلها فلزمه السجود إذا كان سهوا كزيادة ركعة.
فصل
والزيادات على ضربين زيادة أفعال, وزيادة أقوال: فزيادات الأفعال قسمان: أحدهما زيادة من جنس الصلاة مثل أن يقوم في موضع جلوس, أو يجلس في موضع قيام أو يزيد ركعة أو ركنا فهذا تبطل الصلاة بعمده, ويسجد لسهوه قليلا كان أو كثيرا لقول النبي - صلى الله عليه وسلم- (إذا زاد الرجل أو نقص فليسجد سجدتين) رواه مسلم والثاني من غير جنس الصلاة كالمشى والحك والتروح, فهذا تبطل الصلاة بكثيره ويعفى عن يسيره ولا يسجد له, ولا فرق بين عمده وسهوه الضرب الثاني زيادات الأقوال وهي قسمان أيضا أحدهما, ما يبطل عمده الصلاة كالسلام وكلام الآدميين فإذا أتى به سهوا فسلم في غير موضعه, سجد على ما ذكرناه في حديث ذى اليدين وإن تكلم في الصلاة سهوا فهل تبطل الصلاة به أو يسجد للسهو؟ على روايتين القسم الثاني, ما لا يبطل عمده الصلاة وهو نوعان: أحدهما أن يأتي بذكر مشروع في الصلاة في غير محله, كالقراءة في الركوع والسجود والتشهد في القيام والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم- في التشهد الأول وقراءة السورة في الأخريين من الرباعية أو الأخيرة من المغرب وما أشبه ذلك, إذا فعله سهوا فهل يشرع له سجود السهو؟ على روايتين إحداهما لا يشرع له سجود لأن الصلاة لا تبطل بعمده, فلم يشرع السجود لسهوه كترك سنن الأفعال والثانية يشرع له السجود, لقوله عليه الصلاة والسلام (إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس) رواه مسلم فإذا قلنا: يشرع له السجود فذلك مستحب غير واجب لأنه جبر لغير واجب فلم يكن واجبا كجبر سائر السنن قال أحمد: إنما السهو الذي يجب فيه السجود, ما روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم- ولأن الأصل عدم وجوب السجود النوع الثاني أن يأتي فيها بذكر أو دعاء لم يرد الشرع به فيها كقوله " آمين رب العالمين " وقوله في التكبير " الله أكبر كبيرا " ونحو ذلك فهذا لا يشرع له السجود لأنه روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم- (أنه سمع رجلا يقول في الصلاة: الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى فلم يأمره بالسجود ).
فصل
وإذا جلس في غير موضع التشهد قدر جلسة الاستراحة, فقال القاضي: يلزمه السجود سواء قلنا: جلسة الاستراحة مسنونة أو لم نقل ذلك لأنه لم يردها بجلوسه, إنما أراد غيرها فكان سهوا ويحتمل أن لا يلزمه لأنه فعل لو تعمده لم تبطل صلاته فلا يسجد لسهوه كالعمل اليسير من غير جنس الصلاة.
فصل
قوله [أو جهر في موضع تخافت ، أو خافت في موضع جهر] . وجملة ذلك أن الجهر والإخفات - في موضعهما - من سنن الصلاة ، لا تبطل الصلاة بتركه عمدا وإن تركه سهوا فهل يشرع له السجود من أجله ؟ فيه عن أحمد روايتان : إحداهما ، لا يشرع قال الحسن ، وعطاء ، وسالم ، ومجاهد ، والقاسم ، والشعبي ، والحاكم : لا سهو عليه . وجهر أنس في الظهر والعصر ولم يسجد ، وكذلك علقمة والأسود . وهذا مذهب الأوزاعي ، والشافعي ؛ لأنه سنة ، فلا يشرع السجود لتركه اليدين . والثانية يشرع وهو مذهب مالك ، وأبي حنيفة في الإمام ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم (إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين) ولأنه أخل بسنة قولية ، فشرع السجود لها ، كترك القنوت وما ذكروه يبطل بالقنوت ، وبالتشهد الأول ، فإنه عند الشافعي سنة ويسجد تاركه ، فإذا قلنا بهذا كان السجود مستحبا غير واجب نص عليه أحمد . قال الأثرم : سمعت أبا عبد الله يسأل عن رجل سها ، فجهر فيما يخافت فيه ، فهل عليه سجدتا السهو ؟ قال : أما عليه فلا أقول عليه ، ولكن إن شاء سجد . وذكر أبو عبد الله الحديث عن عمر ، أو غيره ، أنه كان يسمع منه نغمة في صلاة الظهر قال : وأنس جهر فلم يسجد . وقال : إنما السهو الذي يجب فيه السجود ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال صالح : قال أبي إن سجد فلا بأس وإن لم يسجد فليس عليه . ولأنه جبر لما ليس بواجب ، فلم يكن واجبا كسائر السنن
فصل
قوله أو صلى خمسا يعنى في صلاة رباعية فإنه متى قام إلى الخامسة في الرباعية, أو إلى الرابعة في المغرب أو إلى الثالثة في الصبح لزمه الرجوع متى ما ذكر, فيجلس فإن كان قد تشهد عقيب الركعة التي تمت بها صلاته سجد للسهو ثم يسلم وإن كان تشهد, ولم يصل على النبي - صلى الله عليه وسلم- صلى عليه ثم سجد للسهو وسلم وإن لم يكن تشهد تشهد وسجد للسهو, ثم سلم فإن لم يذكر حتى فرغ من الصلاة سجد سجدتين عقيب ذكره, وتشهد وصلاته صحيحة وبهذا قال علقمة والحسن وعطاء والزهري, والنخعي ومالك والليث, والشافعي وإسحاق وأبو ثور وقال أبو حنيفة: إن ذكر قبل أن يسجد جلس للتشهد وإن ذكر بعد السجود وكان جلس عقيب الرابعة قدر التشهد, صحت صلاته ويضيف إلى الزيادة أخرى لتكون نافلة فإن لم يكن جلس في الرابعة بطل فرضه, وصارت صلاته نافلة ولزمه إعادة الصلاة ونحوه قال حماد بن أبي سليمان وقال قتادة والأوزاعي, في من صلى المغرب أربعا: يضيف إليها أخرى فتكون الركعتان تطوعا لقول النبي - صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي سعيد في من سجد سجدتين (فإن كانت صلاته تامة كانت الركعة والسجدتان نافلة) رواه أبو داود وابن ماجه وفي رواية (فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته) رواه مسلم ولنا: ما روى عبد الله بن مسعود, قال (صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- خمسا فلما انفتل توشوش القوم بينهم فقال: ما شأنكم؟ قالوا يا رسول الله هل زيد في الصلاة؟ قال: لا قالوا: فإنك قد صليت خمسا فانفتل ثم سجد سجدتين, ثم سلم ثم قال: إنما أنا بشر أنسى كما تنسون فإذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين) وفي رواية قال: (إنما أنا بشر مثلكم أذكر كما تذكرون وأنسى كما تنسون ثم سجد سجدتي السهو) وفي رواية فقال (فإذا زاد الرجل أو نقص فليسجد سجدتين) رواه كله مسلم والظاهر أن النبي - صلى الله عليه وسلم- لم يجلس عقيب الرابعة لأنه لم ينقل, ولأنه قام إلى الخامسة معتقدا أنه قام عن ثالثة ولم تبطل صلاته بهذا ولم يضف إلى الخامسة أخرى وحديث أبي سعيد حجة عليهم أيضا فإنه جعل الزائدة نافلة, من غير أن يفصل بينها وبين التي قبلها بجلوس وجعل السجدتين يشفعانها ولم يضم إليها ركعة أخرى, وهذا كله خلاف لما قالوه فقد خالفوا الخبرين جميعا وقولنا يوافق الخبرين جميعا والحمد لله رب العالمين.
مسألة
قال [فإن نسي أن عليه سجود سهو وسلم, كبر وسجد سجدتي السهو وتشهد وسلم, ما كان في المسجد وإن تكلم لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- سجد بعد السلام والكلام] الكلام في هذه المسألة في ثلاثة فصول:
الفصل الأول:
أنه إذا نسي سجود السهو ثم ذكره قبل طول الفصل في المسجد فإنه يسجد, سواء تكلم أو لم يتكلم وبهذا قال مالك والأوزاعي والشافعي وأبو ثور وكان الحسن, وابن سيرين يقولان: إذا صرف وجهه عن القبلة لم يبن ولم يسجد وقال: أبو حنيفة: إن تكلم بعد الصلاة, سقط عنه سجود السهو ولأنه أتى بما ينافيها فأشبه ما لو أحدث .
ولنا ما روى ابن مسعود (أن النبي - صلى الله عليه وسلم- سجد بعد السلام والكلام) رواه مسلم وأيضا الحديث الذي ذكرناه في المسألة التي قبل هذه فإنه عليه الصلاة والسلام تكلم, وتكلم المأمومون ثم سجد وسجدوا معه وهذا حجة على الحسن وابن سيرين لقوله فلما انفتل توشوش القوم بينهم ثم سجد بعد انصرافه عن القبلة ولأنه إذا جاز إتمام ركعتين من الصلاة بعد الكلام والانصراف, كما في حديث ذى اليدين فالسجود أولى.
الفصل الثاني:
أنه لا يسجد بعد طول المدة واختلف في ضبط المدة التي يسجد فيها ففي قول الخرقي, يسجد ما كان في المسجد فإن خرج لم يسجد نص عليه أحمد وهو قول الحكم وابن شبرمة وقال القاضي: يرجع في طول الفصل وقصره إلى العادة, وهذا قول الشافعي لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- رجع إلى المسجد بعد خروجه منه في حديث عمران بن حصين فالسجود أولى وحكى ابن أبي موسى, عن أحمد رواية أخرى أنه يسجد وإن خرج وتباعد وهو قول ثان للشافعي لأنه جبران يأتي به بعد طول الزمان كجبران الحج وهذا قول مالك إن كان لزيادة وإن كان لنقص أتى به ما لم يطل الفصل لأنه لتكميل الصلاة ولنا أنه لتكميل الصلاة, فلا يأتي به بعد طول الفصل كركن من أركانها وكما لو كان من نقص وإنما ضبطناه بالمسجد لأنه محل الصلاة وموضعها, فاعتبرت فيه المدة كخيار المجلس.
الفصل الثالث:
أنه متى سجد للسهو فإنه يكبر للسجود والرفع منه, سواء كان قبل السلام أو بعده فإن كان قبل السلام سلم عقبه وإن كان بعده تشهد وسلم سواء كان محله بعد السلام, أو كان قبل السلام فنسيه إلى ما بعده وبهذا قال ابن مسعود والنخعي وقتادة, والحكم وحماد والثوري والأوزاعي, والشافعي وأصحاب الرأي في التشهد والسلام وقال أنس والحسن وعطاء: ليس فيهما تشهد ولا تسليم وقال ابن سيرين, وابن المنذر فيهما تسليم بغير تشهد قال ابن المنذر: التسليم فيهما ثابت من غير وجه وفي ثبوت التشهد نظر وعن عطاء: إن شاء تشهد وسلم وإن شاء لم يفعل ولنا, على التكبير قول ابن بحينة: (فلما قضى الصلاة سجد سجدتين كبر في كل سجدة وهو جالس قبل أن يسلم وسجدهما الناس معه) وهو حديث صحيح وقول أبي هريرة ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول, ثم رفع رأسه فكبر ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم- كان يكبر في كل رفع وخفض وأما التسليم فقد ذكره عمران بن حصين في حديثه الذي رواه مسلم قال فيه (سجد سجدتي السهو ثم سلم) وفي حديث ابن مسعود (ثم سجد سجدتين ثم سلم) وأما التشهد فقد روى أبو داود في حديث عمران بن حصين (أن النبي - صلى الله عليه وسلم- صلى بهم فسها, فسجد سجدتين ثم تشهد ثم سلم) قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب ولأنه سجود يسلم له فكان معه تشهد, كسجود صلب الصلاة ويحتمل أن لا يجب التشهد لأن ظاهر الحديثين الأولين أنه سلم من غير تشهد وهما أصح من هذه الرواية ولأنه سجود مفرد, فلم يجب له تشهد كسجود التلاوة.
فصل
وإذا نسي سجود السهو حتى طال الفصل لم تبطل الصلاة وبذلك قال الشافعي وأصحاب الرأي وعن أحمد: أنه إن خرج من المسجد أعاد الصلاة, وهو قول الحكم وابن شبرمة وقول مالك وأبي ثور في السجود الذي قبل السلام ولنا أنه جابر للعبادة بعدها, فلم تبطل بتركه كجبرانات الحج ولأنه مشروع للصلاة خارج منها فلم تفسد بتركه, كالأذان .
فصل
ويقول في سجوده ما يقول في سجود صلب الصلاة لأنه سجود مشروع في الصلاة أشبه سجود صلب الصلاة.
فصل
وإن نسي السجود حتى شرع في صلاة أخرى سجد بعد فراغه منها, في ظاهر كلام الخرقي لأنه في المسجد وعلى قول غيره إن طال الفصل لم يسجد وإلا سجد.
فصل
وسجود السهو لما يبطل عمده الصلاة واجب وعن أحمد غير واجب ولعل مبناها على أن الواجبات التي شرع السجود لجبرها غير واجبة فيكون جبرها غير واجب وهذا قول الشافعي وأصحاب الرأي لقول النبي - صلى الله عليه وسلم- (كانت الركعة والسجدتان نافلة له) ولنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم- أمر به في حديث ابن مسعود وأبي سعيد وفعله, وقال (صلوا كما رأيتمونى أصلي) وقوله " نافلة " يعنى أن له ثوابا فيه كما أنه سمى الركعة أيضا نافلة وهي واجبة على الساهى بلا خلاف فأما المشروع لما لا يبطل عمده الصلاة فغير واجب قال أحمد: إنما يجب السجود فيما روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم- يعنى وما كان في معناه فنقيس على زيادة خامسة سائر زيادات الأفعال من جنس الصلاة وعلى ترك التشهد ترك غيره من الواجبات وعلى التسليم من نقصان زيادات الأقوال المبطلة عمدا .
فصل
فإن ترك الواجب عمدا فإن كان قبل السلام بطلت صلاته لأنه أخل بواجب في الصلاة عمدا وإن ترك الواجب بعد السلام, لم تبطل صلاته لأنه جبر للعبادة خارج منها فلم تبطل بتركه كجبرانات الحج وسواء كان محله بعد السلام أو قبله, فنسيه فصار بعد السلام وقد نقل عن أحمد ما يدل على بطلان الصلاة ونقل عنه التوقف, فنقل عنه الأثرم في من نسي سجود السهو فقال: إن كان في سهو خفيف فأرجو أن لا يكون عليه قلت: فإن كان فيما سها فيه النبي - صلى الله عليه وسلم-؟ فقال: هاه ولم يجب, فبلغنى عنه أنه يستحب أن يعيد فإذا كان هذا في السهو ففي العمد أولى.
مسألة
قال: [وإن نسي أربع سجدات من أربع ركعات ، وذكر وهو في التشهد ، سجد سجدة تصح له ركعة ، ويأتي بثلاث ركعات ، ويسجد للسهو في إحدى الروايتين عن أبي عبد الله رحمه الله والرواية الأخرى ، قال : كان هذا يلعب ، يبتدئ الصلاة من أولها] هذه المسألة مبنية على من ترك ركنا من ركعة فلم يذكره إلا في التي بعدها ، وقد ذكرنا أنه إذا لم يذكره حتى شرع في قراءة التي بعدها ، بطلت ، فلما شرع في قراءة الثانية هاهنا قبل ذكر سجدة الأولى ، بطلت الأولى ، ولما شرع في قراءة الثالثة قبل ذكر سجدة الثانية ، بطلت الثانية ، وكذلك الثالثة ، تبطل بالشروع في قراءة الرابعة ، فلم يبق إلا الرابعة ، ولم يسجد فيها إلا سجدة فيسجد الثانية حين ذكر وتتم له ركعة ، ويأتي بثلاث ركعات . وهذا قول مالك ، والليث لأن كل ركعة بطلت بشروعه في الثانية قبل إتمام الأولى . وفيه رواية أخرى عن أحمد ، أن صلاته تبطل ، ويبتدئها ؛ لأن هذا يؤدي إلى أن يكون متلاعبا بصلاته ، ثم يحتاج إلى إلغاء عمل كثير في الصلاة ، فإن بين التحريمة والركعة المعتد بها ثلاث ركعات لاغية . وهذا قول إسحاق ، وأبي بكر الآجري وقال الشافعي : يصح له ركعتان ؛ لأنه لما قام إلى الثانية سهوا قبل إتمام الأولى ، كان عمله فيها لاغيا ، فلما سجد فيها ، انضمت سجدتها إلى سجدة الأولى ، فكملت له ركعة ، وهكذا الثالثة والرابعة يحصل له منها ركعة . وحكى أبو عبد الله هذا القول عن الشافعي ، ثم قال : هو أشبه بما يقول هؤلاء - يعني أصحاب الرأي - قال الأثرم : فقلت له ، فإنه إذا فعل لا يستقيم ، لأنه إنما نوى بهذه السجدة عن الثانية ، لا عن الأولى . قال : فكذلك أقول إنه يحتاج أن يسجد لكل ركعة سجدتين . ويحتمل أن يكون هذا القول المحكي عن الشافعي هو الصحيح ، وأن يكون مذهبا لأحمد ؛ لأنه قد حسنه ، وإنما اعتذر عن المصير إليه ، لكونه إنما نوى بالسجدة الثانية عن الركعة الثانية ، وهذا لا يمنع جعلها عن الأولى ، كما لو سجد في الركعة الأولى يحسب أنه في الثانية